Hakikat Hijrah Yaitu Hijrah Dari Maksiat Pada Allah Kepada Menta'atiNya...Ingatlah, Bahwa Maksiat Yang Paling Besar Adalah Syirik, Dan Keta'atan Yang Paling Agung adalah Bertauhid Pada Allah 'Azza Wajalla...Maka Oleh Karena Itu Bertauhidlah Kepada Allah Semata Dan Jauhilah Segala Bentuk Kesyirikan DAURAH QUBRA SEPUTAR 143 Permasalahan Puasa Dan I'tikaf Kontak Person: 085237021944

Jadwal Shalat

Radio Jihad On Line Perhatikan Waktu Shalatmu Saudaraku...Jika Waktu Shalat Tiba, Cari masjid Yang Terdekat Dengan Anda..Tunaikan Segera dan Jangan Di Tunda-tunda!!!

Selasa, 16 April 2013

Matan Umdatul Ahkam

متن عمدة الأحــــكام من كـــلام خير الأنـــام صلى الله عليه وسلم
بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
أما بعد :
إن متن عمدة الأحكام للحافظ عبدالغني المقدسي ـ رحمه الله تعالى ـ يعتبر من متون أحاديث الأحكام المعتمد عليها عند أهل العلم المتقدمين والمعاصرين، وذلك أنه متن مختصر موجز، قد اقتصر فيه مؤلفه على أعلى أنواع الصحيح، وهو ما اتـفق عليه الشيخان : البخاريُّ ومسلمٌ، يضاف إلى ذلك، أن هذا المتن
ـ على إيجازه واختصاره وصحته ـ احتوى على أصول أبواب علم الفقه .
وهذه المميزات، هي التي جعلت الزركشيَّ ـ رحمه الله ـ يقول عن هذا المتن : " وقد طار في الخافِقَيْن ذكره، وذاع بين الأئمة نشرُه، واعتنى الناس بحفظه وتَفَهُّمِهِ، وأكبوا على تعليمه وتَعَلُّمه، لا جرم اعتنى الأئمة بشرحه، وانتدبوا لابرازِ معانيه عن سهامِ قَدْحِه" .
ولرغبتي في خدمة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد بذلت قصارى جهدي، في مراجعة هذه النسخة، لأُخرجها في أجمل صورة وأبهى حلة، فعرضتها وقابلتها على عدد من النسخ، ثم قمت بتصحيح العبارات التي تحتاج لتصحيح وتعديل، ورجعت إلى شروح هذا المتن المبارك لأَضْبِطَ وأُشَكِّل كل كلمة تحتاج لضبط وتشكيل، فاجتهدت في ذلك غاية الاجتهاد، لعل الله أن يتقبل هذا العمل فينفعني فيه في يوم التناد، ومع كل ذلك الجهد المبذول، إلا أني أعترف أن هذا العمل لا بد أن يعتريه نقص وقصور، كما هي طبيعة العمل البشري .
وأنبه إلى أني لم أُشِر إلى ما هو مثبت في كل نسخة، طلبا لاختصار صفحات الكتاب، فإن همم الحفاظ تضعف مع كثرة عددها، كما أن المقصد هو نص الحديث .
واللهَ أسألُ أن يبارك في هذه النسخة وأن ينفع فيها، وأن يجعل نيتي في هذا العمل خالصةً لوجهِهِ لا شريكَ لَهُ فيها، وأن يغفرَ لكلِّ من أعانني على مراجعتها وتصحيحها وتشكيلها ونشر كل حرف كتبته فيها .والله أعلى وأعلم
أبو عمر الحنبلي

مقدمة المؤلف

قال الشيخُ الحافظُ، تقيُّ الدينِ : أبو محمد، عبد الغني بن عبد الواحد بن على بن سرور المقدسي، رحمه الله تعالى : الحمد للهِ الملكِ الجبارِ، الواحدِ القهارِ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، ربُّ السماواتِ والأرضِ وما بينهما العزيزُ الغفارُ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى المختار، صلى الله عليه وعلى آله وصحبِهِ الأخيارِ .
أما بعدُ :
فإنَّ بعضَ إخواني سألني اختصارَ جُمْلَةٍ في أحاديث الأحكامِ، مما اتفقَ عليهِ الإمامان، أبو عبدِ الله محمدُ بنُ إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ البُخاريُّ، ومُسْلِمُ بنُ الحجاج بن مسلم القُشَيْرِيُّ النيْسَابُورِيُّ، فأَجَبْتُهُ إلى سُؤَالِه، رجاءَ المنْفَعَةِ به، وأسأل الله أن ينفَعَنا به، ومَنْ كَتَبَهُ، أو سَمِعَهُ، أو قرأه، أو حَفِظَهُ، أو نَظَرَ فيه، وأن يَجْعَلَهُ خالصاً لوجْهِهِ الكريم، موجِباً للفوز لَدَيْهِ في جناتِ النعيم، فإنه حسبُنا وَنِعْمَ الوكيل .

كتاب الطهارة
1- عن عمرَ بنِ الخطاب رضي الله عنه، قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول "إنما الأعمالُ بالنياتِ ـ وفي رواية بالنية ـ وإنما لكلِّ امرئ ما نوى، فمن كانت هجرتُهُ إلى اللهِ ورسولِهِ فهجرتُه إلى اللهِ ورسولِه، ومن كانت هجرتُه إلى دنيا يُصيبُها، أو امرأةٍ يتزوجُها، فهجرته إلى ما هاجر إليه" .

2- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال : قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : "لا يقبلُ اللهُ صلاةَ أحدِكم إذا أحدثَ حتى يتوضأ" .

3- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بن العاص وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم، قالوا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ويلٌ للأعقابِ من النارِ" .

4- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "إذا توضأ أحدُكم، فَلْيَجْعَلْ في أنفه ماء ثم لْيَنْتَـثِرْ، ومن استجمر فليوتِر، وإذا استيقظ أحدُكم من نومِه فَلْيَغْسِل يَدَيْهِ قبل أن يدخلَهُما في الإناءِ ثلاثاً، فإن أحدَكم لا يدري أين باتت يدُهُ" .
وفي لفظ لمسلم : "فَلْيَسْتَنْشِقْ بمنخَرَيْه من الماء" .
وفي لفظ "من توضأ فَلْيَسْتَنْشِقْ" .

5- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : "لا يبولَن أحدُكم في الماءِ الدائمِ الذي لا يجري، ثم يَغْتَسِل منه" .
ولمسلم : "لا يَغتسلْ أحدُكم في الماءِ الدائمِ وهو جُنُبٌ" .

6- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قال : "إذا شَرِبَ الكلبُ في إناءِ أحدِكم فَلْيَغْسِلْهُ سبعاً" .
ولمسلم "أولاهُنَّ بالترابِ" .

7- وله في حديث عبد الله بنِ مُغَفَّلٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قال "إذا وَلَغَ الكلبُ في الإناءِ، فاغسلوه سبعاً، وعَفِّروه الثامنةَ بالترابِ" .

8- عن حُمْرانَ ـ مولى عثمانَ بنِ عفانَ ـ رضي الله عنه، أنه رأى عثمانَ رضي الله عنه دعا بوَضوءٍ، فأَفرَغَ على يدَيْه من إنائِهِ، فَغَسَلَهُما ثلاثَ مراتٍ، ثم أدخلَ يمينَه في الوَضوءِ، ثم تمضمضَ، واستنشقَ، واستـنـثرَ، ثم غسل وَجْهَهُ ثلاثاً، وَيَدَيْهِ إلى الـمِرْفَقَيْنِ ثلاثاً، ثم مسح برأسِهِ، ثم غسل كلتا رجْلَيْه ثلاثاً، ثم قال : رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، توضأ نحوَ وُضوئي هذا، وقال : "من توضأَ نحوَ وُضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يُحَدِّثُ فيهما نفسَه، غَفَرَ اللهُ لَهُ ما تقدمَ من ذنبِهِ" .

9- عن عمرِو بنِ يحيى المازِنِـيِّ، عن أبيه ، قال : شَهِدْتُ عَمْرَو بنَ أبي الحسن، سأل عبدَ اللهِ بنَ زيدٍ عن وُضوءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا بِتَوْرٍ من ماء، فتوضأ لهم وُضوءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأَكْفَأ على يَدَيْهِ من التَّوْر، فغسل يَدَيْه ثلاثاً، ثم أدخل يَدَهُ في التَّوْرِ، فمضمض واستنشق واستنثر ثلاثاً، بثلاث غَرَفَات، ثم أدخل يده في التَّوْر فَغَسَلَ وجْهَهُ ثلاثاً، ثم أدخل يَدَيْهِ فغسلهما مرتين إلى المرفقين، ثم أدخل يديْهِ فمسحَ بهما رأسَه، فأقبلَ بهما وأدبرَ مرةً واحدةً، ثم غَسَلَ رجْلَيْهِ .
وفي رواية : بدأ بِـمُقَدَّم رأسِهِ، حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم رَدَّهُما حتى رجع إلي المكان الذي بدأ منه .
وفي رواية : أتانا رسولُ الله صلى الله وسلم، فأخرجنا له ماءً في تَوْرٍ من صُفْر .
التَّوْر : شِبهُ الطَّسْتِ .

10- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، يُعجِبُه التَّيَمُّنُ في تَنَعُّلِه، وتَرَجُّلِه، وطُهورِه، وفي شأنِه كلِّه .

11- عن نُعَيْم المُجْمِرِ، عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إن أمتي يُدْعَوْنَ يومَ القيامة غُرّاً محجلين من آثار الوُضوء، فمن استطاع منكم أن يطيلَ غُرَّتَهُ فلْيَفْعَلْ" .

وفي لفظ لمسلم : رأيتُ أبا هريرةَ يتوضأ، فغسل وجهَهُ ويَدَيْهِ، حتى كاد يبلُغ الـمَنْكِبَيْن، ثم غسل رجلَيْه حتى رَفَعَ إلى الساقين، ثم قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إن أمتي يُدْعَوْنَ يومَ القيامةِ، غُرّاً مُحَجّلين من آثارِ الوُضوءِ" فمن استطاع منكم أن يطيلَ غُرَّتَهُ وتَحْجيلَهُ فَلْيَفْعَلْ .
وفي لفظ لمسلم : سمعتُ خليلي صلى اللهُ عليه وسلم، يقول : "تَبْلُغُ الـحِلْيَةُ من المؤمنِ حيثُ يَبْلُغُ الوُضوءُ" .

باب دخول الخلاءِ والاستطابة

12- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضى الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاءَ قال : "اللهم أني أعوذ بك من الخُبُثِ (1) والخبائِث" .

13- عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "إذا أَتَيْتُم الغائطَ فلا تستقبلوا القبلةَ بغائطٍ ولا بوْلٍ، ولا تستدبروها، ولكن شَرِّقوا أو غَـرِّبوا" .
قال أبو أيوب : فقدمنا الشامَ، فوجدنا مراحيضَ قد بُنيت نحو الكعبةِ، فننحرف عنها، ونستغفرُ الله عز وجل .

14- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه، قال : رَقِيتُ يوماً على بيتِ حفصةَ، فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقضِي حاجتَهُ، مستقبلَ الشامَ، مُسْتَدْبِـرَ الكعبةِ.

15- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، أنه قال : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، يدخلُ الخلاءَ، فأحملُ أنا وغلامٌ نَـحْوِي إداؤةً من ماءٍ، وعَـنَـزَةً، فَيَسْتَنْجي بالماء .
العَنَزَةُ : الحَرْبَةُ الصغيرةُ .
والأداوة : إناء صغير من الجلد .

16- عن أبي قتادةَ الحارث بن رِبْعِـيّ الأنصاريِّ رضي الله عنه، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال : "لا يُمْسِكَنَّ أحدُكم ذكـرَه بيمينِه وَهُو يبولُ، ولا يَتَمَسَّحْ من الخلاءِ بيمنِه، ولا يتنفسْ في الإناءِ" .

17 – عن عبدِ الله بنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال : مرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقبـرَيْن، فقال : "إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدُهما فكان لا يَسْتَتِرُ من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة" فأخذ جريدةً رَطْبَةً، فَشَقَّها نِصْفَيْنِ، فغرز في كلِّ قبرٍ واحدةً، فقالوا : يا رسولَ الله لِمَ فعلتَ هذا ؟ قال : "لعلَّه يُخفَّفُ عنهما ما لم يَـيْـبَسا" .

باب السِّوَاك

18- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال : "لولا أن أشقَّ على أمتي، لأمرتُهُمْ بالسِّواكِ عندَ كُلِّ صلاةٍ" .

19- عن حذيفةَ بن اليمانِ رضي الله عنهما، قال : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليلِ، يَشُوصُ فاهُ بالسِّواكِ .

20- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : دخل عبدُ الرحمنِ بنُ أبي بكر الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما، على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأنا مُسْنِدَتُه إلى صدري، ومع عبدِ الرحمنِ سواكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ به، فأَبَدَّهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَصَرَهُ، فأخذت السِّواك فقَضمْتُهُ وَطَيَّبْتُه، ثم دفعتُه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فاستن به، فما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم اسْتَنَّ استناناً قطُّ أحْسَنَ منه، فما عدا أن فَرَغَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، رَفَعَ يدَه ـ أو إصْبَعَهُ ـ ثم قال : "في الرفيقِ الأعلى ـ ثلاثاً ـ" ثم قَضَى، وكانت تقول : مات بين حاقِنَتي وذاقِنَتي" .
وفي لفظ : فرأيتُه ينظرُ إليه، وعَرَفْتُ أنه يُحِبُّ السِّواك، فقلت : آخُذُه لك؟ فأشار برأسه "أنْ نعم" هذا لفظ البخاريّ، ولمسلمٍ نحوه .

21- عن أبي موسى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، قال : أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يستاك بسِواكٍ رَطْب، قال : وَطَرَفُ السِّواك على لسانِه، وهو يقول : "أُع، أُع" والسِّواكُ في فِيه، كأنه يَتَهَوَّعْ .

باب المسح على الخفين

22- عن الـمُغيرَةِ بنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه، قال : كنتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سفر، فأهويْتُ لأنزِعَ خُفَّيْهِ، فقال "دعهما، فإني أدخلتُهُما طاهرتين" فمسح عليهما .

23- عن حذيفةَ بنِ اليَمان رضي الله عنهما، قال : كنتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فبالَ، وتوضأَ، ومسح على خُفَّيْهِ . مختَصَراً .

باب في المذي وغيره

24- عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه، قال : كنتُ رجلاً مَذّاءً، فاستحيَيْتُ أنْ أسألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، لمكان ابنتِه مني، فأمرتُ المقدادَ بنَ الأسودِ، فَسَأَلَهُ، فقال: "يَغْسِلُ ذكـرَه ويتوضأُ" .
وللبخاري : " اغسل ذكرك، وتوضأ " .
ولمسلم : "توضأ، وانْضَحْ فَرْجَكَ" .

25- عن عَبَّادِ بنِ تَمِيمٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ زيدِ بنِ عاصمٍ المازِنيِّ رضي الله عنه، قال : شـُكِيَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، الرجلُ يُخَيّلُ إليه أنه يجدُ الشيءَ في الصلاة، فقال: " لا ينصرفْ، حتى يَسمَعَ صوتاً أو يَجِدَ ريحاً" .

26- وعن أمِّ قيسٍ بنتِ مِحْصَنٍ الأَسَدِيَّةِ "أنها أتتْ بابنٍ لها صغيرٍ، لم يأكلِ الطعامَ، إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسَهُ في حِجرِهِ، فبال على ثوبِه، فدعا بماء فنَضَحَهُ على ثَوْبِهِ، ولم يَغْسِلْهُ .

27- عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنه، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أُتـِيَ بصبيٍّ، فبالَ على ثوبِهِ، فدعا بماءٍ، فأَتْـبَعَهُ إياهُ .
ولمسلم : فَأَتْبَعَهُ بَوْلَه، ولم يَغْسِلْهُ .

28- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، قال : جاء أَعْرابيٌ فبال في طائِفَةِ المسجدِ، فَزَجَرَهُ الناسُ، فنهاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فلما قضى بولَهُ، أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم، بِذَنُوبٍ من ماءٍ فأُهْريقَ عليه .

29- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، يقولُ : "الفطرةُ خمسٌ، الخِتانُ، والاسْتِحْدادُ، وقصُّ الشاربِ، وتَقْلِيمُ الأَظْفارِ، ونَتْفُ الإِبِطِ" .

باب الغُسْل من الجنابة

30- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَـقِـيَهُ في بعض طرق المدينة وهو جُنُبٌ، قال : فانْـخَنَسْتُ منه، فذهبتُ فاغتسلتُ، ثم جئتُ، فقال :
"أين كنتَ يا أبا هريرةَ" ؟ قال : كنتُ جُنُباً، فكرهتُ أن أجالسَكَ، وأنا على غيرِ طهارةٍ، فقال : "سبحانَ الله ! إنَّ المسلمَ ـ وفي رواية، المؤمنَ ـ لا يَنْجُسُ" .

31- عن عائشة رضي الله عنها، قالت : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة، غَسَلَ يديه ثم توضأ وُضُوءَه للصلاة، ثم يغتسلُ، ثم يخللُ بـيديه شعرَهُ، حتى إذا ظن أنه قد أَرْوَى بَشَرَتَهُ، أفاض عليه الماءَ، ثلاثَ مراتٍ، ثم غَسَلَ سائِرَ جَسَدِهِ .
وكانت تقول : كنتُ أغتسلُ أنا ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم، من إناءٍ واحدٍ، نـغـترف منه جميعاً .

32- عن ميمونةَ بنتِ الحارثِ رضي الله عنها ـ زوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ـ أنها قالت : وَضَعْتُ لرسولِ الله صلى الله عليه وَضُوءَ الجنابةِ، فأكْفَأَ بيميـنِه على يسارِهِ مرتين ـ أو ثلاثاًـ ثم غسل فرجَه ثم ضرب يده بالأرض، أو الحائِطِ، مرتين ـ أو ثلاثاً ـ ثم تمضمض واستنشق وغَسَلَ وجْهَهُ وذارعَيْهِ، ثم أفاض على رأسِهِ الماءَ، ثم غسل سائِرَ جَسَدِهِ، ثم تَـنَحّى فَغَسَلَ رِجْلَيْه، قالت : فأتَـيْـتُهُ بِـخِرْقَةٍ فلم يُرِدْها، فجعل يَنْفُضُ الماء بيدَيْه .

33- عن عبدِ الله بنِ عمرَ رضي الله عنهما، أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ قال :
يا رسولَ الله أيرقُدُ أحدُنا وهو جُنُبٌ ؟ قال : "نعم، إذا توضأ أحدُكم، فَلْيَرقُدْ وهو جنب" .

34- عن أمِّ سلمةَ رضي الله عنها ـ زوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ـ قالت : جاءت أمُّ سُلَيْمٍ ـ امرأةُ أبي طلحةَ ـ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالت : يا رسولَ الله، إنَّ اللهَ لا يسْتَحْيِي من الحقِّ، فهل على المرأةِ من غُسْلٍ إذا هي احتَلَمَتْ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "نعم، إذا رأتِ الماءَ" .

35- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : كنتُ أغسِلُ الجنابةَ من ثوبِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فيخرجُ إلى الصلاةِ، وإنّ بُقَعَ الماءِ في ثوبِهِ .
وفي لفظ لمسلمٍ : لقد كنتُ أَفرُكُهُ من ثوبِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَرْكاً، فيصلِّي فيه .

36- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال : "إذا جلس بين شُعَبِها الأربعِ، ثم جَهَدَها، فقد وَجَبَ الغُسْلُ" .
وفي لفظ لمسلم : "وإن لمْ يُنْزِلْ" .

37- عن أبي جعفرٍ محمدِ بنِ عليِّ بنِ الحسين بنِ عليِّ رضي الله عنهما، أنه كان هو وأبوه عند جابرِ بنِ عبدِ الله، وعندَه قومٌ، فسألوه عن الغُسْلِ، فقال : يكفيك صاعٌ، فقال رجلٌ : ما يكفيني، فقال جابر : كان يكفي من هو أَوْفَى منك شعراً، وخيرٌ منك ـ يريدُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ـ ثم أمَّنا في ثوبٍ .
وفي لفظ : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُفْرِغُ الماءَ على رأسِهِ ثلاثاً .
قال رضي الله عنه : الرجل الذي قال : ما يكفيني، هو الحسنُ بنُ محمدِ بن عليِّ بنِ أبي طالبٍ، وأبوه محمدُ بنُ الحنيفة .

باب التيمم

38- عن عِمْران بنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً معتزلاً، لمْ يصلِّ في القومِ، فقال : "يا فلانُ ، ما منعك أن تصلِّيَ في القوم" ؟ فقال: يا رسولَ الله أصابَتْني جنابةٌ، ولا ماءَ، فقال : "عليك بالصَّعيدِ، فإنه يَكْفِيكَ" .

39- عن عمارِ بنِ ياسرٍ رضي الله عنهما، قال : بعثني النبيُّ صلى الله عليه وسلم في حاجة، فأجْنَبْتُ، فلم أَجِدِ الماءَ، فَتَمَرَّغْتُ في الصعيدِ، كما تمَرَّغُ الدابةُ، ثم أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ ذلك له، فقال : "إنما كان يكفيك أن تقولَ بيَدَيْكَ هكذا" ثم ضرب بِيَدَيْهِ الأرضَ ضَرْبَةً واحدةً، ثم مَسَحَ الشِّمالَ على اليمينِ، وظاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ .

40- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريِّ رضي الله عنهما، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : "أُعْطِيتُ خمساً، لم يُعْطَهُنَّ أحدٌ من الأنبياءِ قَبْلي، نُصِرتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شهرٍ، وجُعِلَتْ لِـيَ الأرضُ مسجداً وطَهوراً، فأيُّما رجلٍ من أُمَّتي أَدْرَكَتْهُ الصلاةُ فَلْيُصَلِّ، وأُحِلَّت لِـيَ الغنائِمُ، ولم تَـحِلَّ لأحدٍ قَبْلي، وأعطيتُ الشفاعَةَ، وكان النبيُّ يُـبْعَثُ إلى قومِه خاصَّةً، وبعـثتُ إلى الناسِ عامَّةً" .

باب الحيض

41- عن عائشةَ رضي الله عنها، أنَّ فاطمةَ بنتَ أبي حُبَيْشٍ، سَأَلَتْ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالت : إني أُسْتَحاضُ فلا أَطْهُرُ، أفأدعُ الصلاةَ ؟ قال : "لا، إنّ ذلكَ عِرْقٌ، ولكن دَعِي الصلاةَ قدْرَ الأيامِ التي كنتِ تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي" .
وفي رواية : "وليس بالحيضةِ، فإذا أَقْبَلَتِ الحيضَةُ، فاتركي الصلاةَ فيها، فإذا ذهب قَدْرُها، فاغسلي عنكِ الدمَ، وصلي" .

42- عن عائشةَ رضي الله عنها، أنَّ أمَّ حبيبةَ اسْتُحيضت سبعَ سنين، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلكَ، فأمرَها أن تغتسلَ، قالت : فكانت تغتسلُ لكلِّ صلاةٍ .

43- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : كنتُ أغتسلُ أنا ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحدٍ كلانا جُنُبٌ، وكان يأمُرُني فَأَتَّزِر، فيباشرُني وأنا حائضٌ، وكان يُخْرِجُ رأسَه إليَّ، وهوَ معتكفٌ، فأغسِلُه وأنا حائضٌ .

44- عن عائشة رضي الله عنها، قالت : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتَّكِـئُ في حِجْري وأنا حائضٌ، فيقرأُ القرآنَ .

45- عن معاذةَ بنتِ عبدِ اللهِ قالت : سألتُ عائشةَ رضي الله عنها، فقلتُ : ما بالُ الحائضِ تقضي الصومَ، ولا تقضي الصلاةَ ؟ فقالت : أَحَرُورِيَّةٌ أنتِ، فقلت : لستُ بحرُورِيَّةٍ، ولكني أسألُ، فقالت : كان يصيبُنا ذلك، فنُؤمَر بقضاءِ الصومِ، ولا نؤمر بقضاءِ الصلاةِ .

كتاب الصلاة

باب المواقيت

46- عن أبي عمرٍو الشَّيْبانيِّ ـ واسمُهُ سعدُ بنُ إِياسٍ ـ قال : حدثني صاحبُ هذه الدارِ، وأشار بيده إلى دارِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه، قال : سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمالِ أحبُّ إلى اللهِ عز وجل ؟ قال : "الصلاة على وقتِها" قلت : ثم أَيٌّ، قال : "بِرُّ الوالدين" قلت : ثم أيٌّ، قال : "الجهاد في سبيل الله" قال : حدثني بهِنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولو اسْتَزَدْتُه لزادني .

47- عن عائشة رضي الله عنها قالت : لقد كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي الفجرَ، فيشهد معه نساءٌ من المؤمنات، مُتَلَفِّعاتٌ بِمُروطِهِنّ، ثم يرجعن إلى بيوتِـهِنَّ، ما يعرفُهُنَّ أحدٌ من الغَلَسِ .
المُروط : أكسية مُعْلَمةٌ تكون من خَزٍّ، وتكونُ من صوفٍ، ومتلفعات : متلحفات، والغَلَسُ: اختلاطُ ضياءِ الصبحِ بظلمةِ الليلِ .

48- عن جابر بنِ عبدِ الله رضي الله عنهما قال : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يصلي الظهرَ بالهاجِرَةِ، والعصرَ والشمسُ نقيةٌ، والمغربَ إذا وَجَبَتْ، والعشاءَ أحياناً وأحياناً، إذا رآهم اجتمعوا عَـجَّلَ، وإذا رآهم أبطؤوا أَخَّرَ، والصبْحُ كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يصليها بِغَلَسٍ .
الهاجرة : هي شدةُ الحرِّ بعدَ الزوالِ .

49- عن أبي الـمِنْهال سَيّارِ بن سلَامةَ، قال : دخلتُ أنا وأبي على أبي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، فقال له أبي : حدِّثنا كيف كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يصلي المكتوبة ؟ فقال : كان يصلي الهَجيرَ ـ وهي التي تَـدْعونها الأولى ـ حين تَدحَضُ الشمسُ، ويصلي العَصْرَ ثم يرجع أحدُنا إلى رَحْلِهِ في أقصى المدينةِ والشمس حَيَّةٌ، ونسيت ما قال في المغرب، وكان يَسْتَحِب أن يؤخِرَ مِنَ العِشاءِ التي تَـدْعونها العَتَمَةَ، وكان يكره النومَ قبلَها، والحديثَ بعدها، وكان يَنْفَتِلُ من صلاةِ الغَداةِ حين يعرفُ الرجلُ جليسَهُ، وكان يقرأ فيها بالستين إلى المائة .

50- عن علي أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال يومَ الخندق : "ملأ اللهُ قبورَهُم وبيوتَهُم ناراً، كما شغلونا عن الصلاةِ الوُسْطى حتى غابتِ الشمسُ" .
وفي لفظ لمسلم : "شغلونا عن الصلاةِ الوُسْطى ـ صلاةِ العصرِ ـ ثم صلاها بين المغربِ والعشاءِ" .

51- وله عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ قال : حَبَسَ المشركون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن صلاةِ العصرِ، حتى احـمَرَّتِ الشمسُ، أو اصفَرَّت، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ اللهُ أجوافَهم وقبورَهم ناراً" أو قال : "حشا اللهُ أجوافَهم وقبورَهم ناراً" .

52 - عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال : أَعْتَمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالعِشاء، فخرج عمرُ فقال : الصلاةَ يا رسولَ الله، رَقَدَ النساءُ والصبيانُ، فخرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم ورأسُه يَقْطُرُ ماء، يقول : "لولا أن أشق على أمتي، أو على الناسِ، لأمرتُهُم بهذه الصلاة، هذهِ الساعةَ".

53 ـ عن عائشةَ رضي الله عنها، أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قال :
"إذا أُقيمتِ الصلاةُ وحضرَ العَشاءُ، فابدأوا بالعَشاءِ" وعن ابن عمر نحوه .
ولمسلم عن عائشة رضي الله عنها، قالت : سمعتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يقولُ: "لا صلاةَ بِحَضْرَةِ طعام، ولا وَهُوَ يدافِعُهُ الأَخْبَثان" .

54 - عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال : شَهِدَ عندي رجالٌ مرضيون ـ وأرضاهم عندي عمرُ ـ أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ نهى عن الصلاةِ بعد الصبحِ حتى تطلُعَ الشمسُ، وبعد العصرِ حتى تغرُبَ .

55 - عن أبي سعيد الـخُدري رضي الله عنه، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال : "لا صلاةَ بعد الصبحِ حتى ترتفعَ الشمسُ، ولا صلاةَ بعد العصرِ حتى تغيبَ الشمسُ" .
قال المصنف ـ رحمه الله تعالى ـ وفي الباب عن عليِّ بن أبي طالبٍ، وعبدِ الله بن مسعودٍ، وعبدِ الله بن عمرَ، وعبدِ الله بن عمرِو بنِ العاص، وأبي هريرة، وسَمُرة بن جُنْدُب، وَسَلَمَةَ بنِ الأكوعِ، وزيدِ بن ثابتٍ، ومُعاذِ بنِ عَفراءَ، وكَعْبِ بنِ مُرَّةَ، وأبي أمامةَ الباهِلِـيِّ، وعَمْرِو بنِ عَبْسَةَ السلميِّ، وعائشة رضي الله عنهم، والصُّـنابِحيِّ، ولم يسمع من النبيِّ صلى الله عليه وسلم .

56 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ، جاء يومَ الخندقِ بعد ما غَرَبَتِ الشمسُ، فجعل يَسُبُّ كفار قريش، وقال : يا رسولَ الله ما كدتُ أصلِّي العصرَ حتى كادتِ الشمسُ تغرُبُ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : "والله ما صَلَّيْتُها" قال : فقمنا إلى بُطْحان فتوضأ للصلاةِ، وتوضأنا لها، فصلى العصرَ بعد ما غربتِ الشمسُ، ثم صلى بعدها المغربَ .

باب فضل صلاةِ الجماعةِ ووجوبها

57 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "صلاةُ الجماعةِ أفضلُ من صلاةِ الفَذِّ بِسَبْعٍ وعشرين دَرَجَةً" .

58 - عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "صلاةُ الرجلِ في الجماعةِ تُضَعَّفُ على صلاتِهِ في بَيْتِهِ، وفي سُوقِهِ، خمساً وعشرين ضعفاً، وذلك أنه إذا توضأ، فأحسن الوُضوء، ثم خرج إلى المسجدِ لا يخرِجُه إلا الصلاةُ، لم يَخْطُ خطوةً إلا رُفِعَتْ له بها درجةٌ، وحُطّ عنه بها خطيئةٌ، فإذا صلى لم تَزَلِ الملائكةُ تصلي عليه مادام في مُصَلّاهُ : اللهم صلِّ عليه، اللهم اغفِرْ له، اللهم ارْحَمْهُ، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاةَ" .

59 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "أثقلُ الصلاةِ على المنافقين، صلاةُ العشاءِ، وصلاةُ الفجرِ، ولو يعلمون ما فيهما، لأَتَوْهُما ولو حَبْواً، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فَتُقامَ، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حُزَمٌ من حَطَبٍ، إلى قومٍ لا يشهدون الصلاةَ، فأُحَرِّقَ عليهم بيوتَهم بالنارِ".

60 - عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال : "إذا اسْتَأْذَنَتْ أحدَكم امرأتُه إلى المسجدِ فلا يَمْنَعْها، قال : فقال : بلالُ بنُ عبدِ اللهِ والله لنَمْنَعُهُن، قال : فأقبلَ عليه عبدُ الله فَسَبَّهُ سباً سيئاً، ما سمعتُه سَبَّهُ مثلَهُ قَطُّ، وقال : أُخْبِرُكَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقول : والله لنمنَعُهُن .
وفي لفظ لمسلمٍ : "لا تمنعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ" .

61- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، قال : صليتُ مع رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ركعتين قبل الظهرِ، وركعتين بعدها، وركعتين بعد الـجُمُعة، وركعتين بعد المغربِ، وركعتين بعد العِشاءِ .
وفي لفظ : "فأما المغربُ والعشاءُ والجُمُعَةُ (1) : ففي بيتِهِ" .
وفي لفظ للبخاريِّ : أنَّ ابنَ عمرَ قال : حَدَّثَتْني حفصةُ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي سجدتين خفيفتين بعدما يطلعُ الفجرُ، وكانت ساعةً لا أدخل على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيها .

62- عن عائشة رضي الله عنها قالت : لم يكن رسولُ الله صلى اللهُ عليهِ وسلم على شيء من النوافل أشدَّ تعاهداً منه على ركعتيِ الفجرِ .
وفي لفظ لمسلمٍ : ركعتا الفجرِ خيرٌ من الدنيا وما فيها .

باب الأذان   

63- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، قال : أُمِرَ بلالٌ أن يَشْفَعَ الأَذان، ويوترَ الإقامةَ .

64- عن أبي جُحَيْفَةَ وهبِ بنِ عبدِ الله السُّوائِيِّ رضي الله عنه، قال : أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو في قُبّةٍ له حمراءَ من أَدَمٍ، قال : فخرج بلالٌ بوَضوءٍ، فمِنْ ناضِح ونائِل، قال : فخرج النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ وعليه حُلّةٌ حَمْراءُ، حتى كأني أنظرُ إلى بياضِ ساقيْه، قال : فتوضأ، وأذّنَ بلالٌ، قال : فجعلتُ أتتبع فاه هاهنا وهاهنا، يقول يميناً وشمالاً : حي على الصلاةِ، حي على الفلاحِ، ثم رُكِزَتْ له عَنَزَةٌ، فتقدم وصلى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة .

65- عن عبدِ الله بنِ عمرَ رضي الله عنهما، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه، قال : "إنَّ بلالاً يؤذنُ بِلَيْلٍ، فكلوا واشربوا حتى يُؤَذِّنَ ابنُ أمِّ مكتومٍ" .

66- عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا سمعتُمُ المؤذنَ، فقولوا مثلَ ما يقولُ المؤذنُ .


باب استقبال القبلة

67- عن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم كان يُسَبِّحُ على ظهرِ راحلَتِهِ، حيثُ كان وجْهُه، يومئُ برأسِه، وكان ابنُ عمرَ يفعلُه .
وفي رواية : كان يوترُ على بعيرِهِ .
ولمسلم : غيرَ أنه لا يصلي عليها المكتوبةَ .
وللبخاري : إلا الفرائضَ .

68- عن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما، قال : بينما الناسُ بقُباءَ في صلاةِ الصبحِ، إذ جاءهم آتٍ، فقال : إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد أُنزلَ عليهِ الليلةَ قرآنٌ، وقد أُمِرَ أن يستقبل القبلةَ، فاسْتَقْبِلُوها، وكانت وجوهُهُم إلى الشامِ، فاستداروا إلى الكعبةِ .

69- عن أنسِ بنِ سيرينَ، قال : استَقْبَلْنا أنساً رضي الله عنه حين قَدِمَ من الشام، فَلَقِيناه بِعَيْنِ التَّمْرِ، فرأيتُهُ يصلي على حمار، ووجهُهُ من ذا الجانب ـ يعني عن يسارِ القِبْلَةِ ـ فقلت : رأيتُكَ تصلي لغيرِ القبلةِ ؟ فقال : لولا أني رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يفعلُهُ ما فعلْتُهُ .

باب الصفوف

70- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "سَوّوا صفُوفَكُم، فإنَّ تسويةَ الصفوفِ من تمامِ الصلاةِ" .

71- عن النُّعْمانِ بنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما، قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ : "لتُسَوُّنَّ صفوفَكُمْ، أو ليخالِفَنَّ الله بينَ وجوهِكُم".
ولمسلم : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُسَوِّي صفوفَنا، حتى كأنما يُسَوِّي بها القِدَاحَ، حتى رأى أنْ قد عَقَلْنا عنه، ثم خرج يوماً فقامَ، حتى إذا كاد أن يكبِّـرَ، فرأى رجلاً بادياً صدرُهُ، فقال : "عبادَ الله، لَتُسَوُّنَّ صفوفَكم، أو ليخالِفَنَّ اللهُ بين وجوهِكُم" .

72- عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ (1) دَعَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته له، فأكل منه، ثم قال : "قوموا فلأُصَلِّيَ لكم" قال أنسٌ : فقمتُ إلى حصيرٍ لنا، قد اسوَدَّ مِنْ طولِ ما لُبِسَ، فنضحتُهُ بماء، فقام عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وصففتُ أنا واليتيمُ وراءَه، والعجوزُ مِنْ ورائِنا، فصلى لنا ركعتين ثم انصرف .
ولمسلم : أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صلى به وبِأُمِّهِ، قال : فأقامني عن يمينه، وأقامَ المرأةَ خلفَنا .
اليتيم : هو ضُمَيْرةُ جدُّ حسين (1) بن عبد الله بن ضُمَيْرةَ .

73- وعن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال : بِتُّ عند خالتي ميمونةَ، فقام النبيُّ صلى الله عليه وسلم يصلي من الليلِ، فقمتُ عن يسارِهِ، فأخذَ برأسي، فأقامني عن يمينِهِ .

باب الإمامة

74- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال : "أمَا يخشى الذي يرفعُ رأسَه قبلَ الإمامِ، أن يُحَوِّلَ اللهُ رأسَهُ رأسَ حمارٍ، أو يجعلَ اللهُ صورتَهُ صورةَ حمارٍ" .

75- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال : "إنما جُعِلَ الإمامُ لِيُؤْتَمَّ به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبَّرَ فكبِّـروا، وإذا رَكَعَ فاركعوا، وإذا قال : سمعَ اللهُ لمن حَمِدَهُ، فقولوا : ربَّنا وَلَكَ الحمدُ، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالساً، فصلوا جلوساً أجمعون" .

76- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : صلى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في بَيْتِهِ وَهُوَ شاكٍ، فصلى جالساً، وصلى وراءه قومٌ قياماً، فأشار إليهم أن اجلِسُوا، فلما انصرَفَ قال : "إنما جُعِلَ الإمامُ لِيُؤْتَمَّ به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال : سَمِعَ اللهُ لمن حَمِدَهُ، فقولوا : ربنا ولك الحمدُ، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون" .

77- عن عبدِ اللهِ بنِ يزيدَ الخَطْمِيِّ الأنصاريِّ رضي الله عنه، قال : حدثـني البَراءُ بنُ عازب ـ وَهُوَ غيرُ كذوب ـ قال : كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا قال : سَمِعَ الله لمن حمده، لم يَحْنِ أحدٌ منا ظهرَهُ، حتى يقعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ساجداً، ثم نَقَعُ سجوداً بعدَهُ .

78- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "إذا أَمَّنَ الإمامُ فَأَمِّنوا، فإنه مَنْ وَافَقَ تأمينُهُ تأمينَ الملائِكَةِ، غُفِرَ له ما تقدم من ذنـبِه" .

79- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال : "إذا صلى أحدُكم للناس فلْيُخَفِّف، فإنَّ فيهم الضعيفَ، والسقيمَ، وذا الحاجةِ، وإذا صلى أحدُكم لنفسِهِ، فلْيُطَوِّلْ ما شاءَ" .

80- عن أبي مسعودٍ الأنصاريِّ البدريِّ رضي الله عنه، قال : جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال : إني لأَتَأَخَّرُ عن صلاةِ الصبحِ من أجلِ فُلانٍ، مما يُطِيلُ بنا فيها، قال : فما رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم غَضِبَ في موعِظَةٍ قَطُّ، أَشَدَّ مما غَضِبَ يَوْمَئِذٍ، فقال : "يا أيها الناسُ إن منكم مُنَفِّرينَ، فأيُّكم أمَّ الناسَ فلْيوجزْ، فإن من ورائِه الكبيرَ، والصغيرَ، وذا الحاجَةِ" .

باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

81 - عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، إذا كبَّرَ في الصلاةِ سَكَتَ هُنَيْـهَةً قبل أنْ يقرأَ، فقلت : يا رسولَ الله بأبي أنت وأمي، أرأيتَ سكوتَكَ بين التكبير والقراءة ما تقولُ ؟ قال : أقول : "اللهم باعد بيني وبين خطايايَ كما باعدتَ بين المشرقِ والمغربِ، اللهم نَقِّني من خطايايَ كما يُنَقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنَسِ، اللهم اغسلني من خطايايَ بالماءِ والثلجِ والبردِ" .

82 - عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يستفتحُ الصلاةَ بالتكبيرِ، والقراءةِ بــ{ الحمد لله رب العالمين} وكان إذا ركع لم يُشخِصْ رأسَهُ ولم يُصَوِّبْهُ، ولكن بين ذلك، وكان إذا رفعَ رأسَهُ من الركوع، لم يسجد حتى يستويَ قائماً، وكان إذا رَفَعَ رأسَهُ من السَّجْدَةِ، لم يسجد حتى يستويَ قاعداً، وكان يقولُ في كلِّ ركعتين التحيةَ، وكان يفرِشُ رجلَه اليسرى، ويَنْصِبُ رجلَه اليمنى، وكان ينهى عن عُقْبَةِ الشيطانِ، وينهي أن يفترشَ الرجلُ ذِراعيْه افتراشَ السَّبُعِ، وكان يَخْتِمُ الصلاةَ بالتَّسْليمِ .

83 - عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، كان يرفعُ يدَيْه حَذْوَ مَنْكِـبَيْه إذا افْتَتَحَ الصلاةَ، وإذا كـبَّر للركوع، وإذا رفع رأسَهُ من الركوع رفعهما كذلك، وقال : "سَمِعَ اللهُ لمن حمده، ربنا ولك الحمد" وكان لا يفعلُ ذلك في السجودِ .

84 - عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم :" أُمِرْتُ أن أسجُدَ على سبعةِ أَعْظُمٍ، على الجبهةِ ـ وأشار بيدِهِ إلى أنفه ـ واليدين ، والركبتين، وأطرافِ القدمين" .

85 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، قال : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاةِ يكبرُ حين يقومُ، ثم يكبرُ حين يركعُ، ثم يقولُ : "سمع اللهُ لمن حمدهُ" حين يرفع صُلْبَهُ من الركوعِ، ثم يقول ـ وهو قائم ـ : "ربنا ولك الحمد" ، ثم يكبرُ حين يَهْوي ساجدا، ثم يكبرُ حين يرفعُ رأسَه، ثم يكبرُ حين يسجدُ، ثم يكبرُ حين يرفعُ رأسَهُ، ثم يفعلُ ذلك في صلاتِهِ كُلِّها حتى يَقْضِيَها، ويكبرُ حين يقومُ من الثِّنْتَيْن بعد الجلوسِ .

86 - عن مُطَرِّفِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الشِّخِّير، قال : صليتُ أنا وعِمرانُ بنُ حُصَيْنٍ خلفَ عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فكان إذا سجد كبَّرَ، وإذا رفعَ رأسَهُ كبَّرَ، وإذا نَهَضَ من الركعتين كبَّرَ، فلما قضى الصلاة أَخَذَ بيَدِي عِمرانُ بنُ حُصَيْنٍ، فقال : قد ذَكَّـرَني هذا صلاةَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، أو قال : صلى بنا صلاةَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم .

87 - عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال : رَمَقْتُ الصلاةَ مع محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدْتُ قيامَهُ، فركعتَهُ، فاعتدالَهُ بعد ركوعِهِ، فسجدَتَهُ، فجلستَهُ بين السجدتين، فسجدتَهُ، فجلسَتَهُ ما بين التَّسْلِيمِ والانصرافِ، قريبا من السَّواءِ .
وفي رواية البخاري : ما خلا القيامَ، والقُعُودَ، قريبا من السَّوَاءِ .

88 - عن ثابت البُنانِـيِّ، عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال : إِنِّي لا آلُو أن أُصَلِّيَ بكم كما كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بنا، قال ثابت : فكان أنسٌ يصنع شيئاً، لا أراكم تصنعونه، كان إذا رَفَعَ رأسَهُ من الركوع، انتصب قائماً، حتى يقولَ القائلُ : قد نَسِيَ، وإذا رفع رأسَهُ من السجدةِ مَكَثَ، حتى يقولَ القائلُ : قد نَسِيَ .

89 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، قال : ما صليتُ وراء إمام قطُّ، أَخَفَّ صلاةً ،ولا أتمَّ صلاةً من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم .

90 - عن أبي قِلابَةَ ـ عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ الجَرْميِّ البصريِّ ـ قال : جاءنا مالكُ بنُ الحُوَيْرِثِ في مسجدنا هذا، فقال : أني لأُصَلِّي بكم وما أريدُ الصلاةَ، أصلي كيف رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فقلتُ لأبي قِلابَةَ : كيف كان يصلي، قال : مثلَ صلاةِ شيخِنا هذا، وكان يجلسُ إذا رَفَعَ رأسَه من السجود، قبل أن ينهض في الركعة الأولى .
أراد بشيخهم : أبا بُرَيدَ عمرو بن سَلِمَة الجَرْمي، ويقال : أبو يزيد .

91 - عن عبدِ اللهِ بنِ مالكٍ ابن بُحَيْنَةَ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى فَرَّجَ بين يديه، حتى يَبْدُوَ بياضُ إبْطَيْهِ .

92 - عن أبي مَسْلَمَةَ سعيدِ بنِ يزيدَ، قال : سألتُ أنسَ بنَ مالكٍ : أكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يصلي في نَعْلَيْه، قال : نعم .

93 - عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، كان يصلي وهو حاملٌ أمامةَ بنتَ زينبَ، بنتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم .

94 - ولأبي العاصِ بنِ الرَّبِـيع بنِ عَبْدِ شمسٍ، فإذا سجد وَضَعَها، وإذا قام حَمَلَها .

95 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قال : "اعتدلوا في السجودِ، ولا يَبْسُطْ أحُدُكُمْ ذراعيه انبِساطَ الكلبِ" .

باب وجوب الطُّمَأنينة في الركوع والسجود

96 - عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخلَ رجلٌ فَصَلّى، ثم جاء فسلمَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَرَدَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم السلام، فقال : "ارجع فَصَلِّ، فإنك لم تُصَلِّ" فرجعَ الرجلُ فصلى كما كان صَلّى، ثم جاء فسلم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وعليك السلام" ثم قال : "ارجع فَصَلِّ، فإنك لم تصلِّ" ـ ثلاثاً ـ فقال الرجلُ : والذي بعثك بالحقِّ ما أُحْسِنُ غيرَهُ، فَعَلِّمْني، فقال صلى الله عليه وسلم : "إذا قمتَ إلى الصلاة فكـبِّرْ، ثم اقرأْ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركعْ حتى تطمئنَّ راكعاً، ثم ارفعْ حتى تعتدلَ قائماً، ثم اسجدْ حتى تطمئنَّ ساجداً، ثم ارفعْ حتى تطمئنَّ جالساً، ثم افعل ذلك في صلاتِك كُلِّها" .

باب القراءة في الصلاة

97 - عن عُبادَةَ بنِ الصامتِ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال : "لا صلاةَ لمن لم يقرأْ بفاتحةِ الكتابِ" .

98 - عن أبي قتادةَ الأنصاريِّ رضي الله عنه، قال : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأُوليَيْن من صلاة الظهر، بفاتحة الكتاب وسورتين، يُطَوِّل في الأولى، ويُقَصِّر في الثانية، يُسْمِعُنا الآيةَ أحيانا، وكان يقرأُ في العصرِ بفاتحةِ الكتابِ وسورتين، يُطَوِّلُ في الأولى، ويُقَصِّرُ في الثانية، وفي الركعتين الأُخريَيْن بأمِّ الكتابِ، وكان يُطوِّلُ في الركعةِ الأولى في صلاةِ الصبحِ، ويقصِّرُ في الثانيةِ .

99 - عن جُبَيْر بنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه، قال : سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، يقرأُ في المغربِ بالطورِ .

100- عن البراءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهما، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان في سَفَرٍ، فصلى العشاءَ الآخِرَةَ، فقرأ في إحدى الركعتين بـالتين والزيتون، فما سمعتُ أحداً أحْسَنَ صَوْتاً، أو قراءةً منه صلى الله عليه وسلم .

101- عن عائشةَ رضي الله عنها، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رجلاً على سريةٍ، فكان يقرأُ لأصحابِهِ في صلاتِهِم، فيختم بـ{قل هو الله أحد} فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال : "سلوه لأيِّ شيء يصنعُ ذلك" ؟ فسألوه فقال: لأنها صفةُ الرحمنِ عز وجل، فأنا أحبُّ أنْ أقرأَ بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أخبروه أنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّهُ" .

102- عن جابرٍ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لمعاذٍ : "فلولا صليتَ بــ{سبح اسم ربك الأعلى} ، {والشمسِ وضحاها} ، {والليلِ إذا يغشى} فإنه يصلي وراءَكَ الكبيرُ، والضعيفُ، وذو الحاجة" .

باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

103- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمرَ رضي الله عنهما، كانوا يفـتـتـحون الصلاةَ بــ{الحمدُ لله رب العالمين} .
وفي رواية : صليتُ مع أبي بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، فلم أسمعْ أحداً منهم يقرأُ {بسم الله الرحمن الرحيم} .
ولمسلمٍ : صليتُ خلفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم، فكانوا يستفتحون الصلاة بـ{الحمد لله رب العالمين} لا يذكرون {بسم الله الرحمن الرحيم} في أوَّلِ قراءةٍ، ولا في آخرِها .

باب سجود السهو

104- عن محمدِ بنِ سِيرِينَ، عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، قال : صَلَّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، إحدى صلاتي العَشِيِّ، قال ابنُ سيرين : وسماها أبو هريرة، ولكن نسيتُ أنا، قال : فصلى بنا ركعتين ثم سلمَ، فقام إلى خَشَبَةٍ معروضةٍ في المسجدِ، فاتّكَأَ عليها كأنه غضبانُ، ووضعَ يَدَهُ اليمنى على اليسرى، وشَبَّك بين أصابِعِهِ، ووضع خدَّه الأيمن على ظهرِ كَفِّهِ اليسرى، وخرجتِ السَّرَعانُ من أبواب المسجد، فقالوا : قُصِرَتِ الصلاةُ، وفي القوم أبو بكر وعمر، فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجلٌ في يَدَيْهِ طولٌ، يقال له : ذو اليدين، قال : يا رسولَ الله أَنَسِيتَ، أم قُصِرَتِ الصلاةُ، قال : "لم أنسَ ولم تُقْصَرْ" فقال : "أَكَما يقولُ ذو اليدين" قالوا : نعم، فتقدم فصلى ما تَرَكَ، ثم سَلَّمَ، ثم كَبَّرَ وسَجَدَ مثلَ سجودِه أو أطْوَلَ، ثم رَفَعَ رأسَهُ فَكَبَّرَ، ثم كبرَ وسجدَ مثلَ سجودِه أو أطوَلَ، ثم رفع رأسَه وكَبَّرَ، فَرُبَّما سألوه، ثم سَلّمَ، قال : فَنُبِّئْتُ : أنّ عِمرانَ بنَ حُصَيْنٍ قال : ثم سَلَّمَ .
العشي : ما بين زوال الشمس إلى غروبها، قال الله تعالى {وَسَبِّحْ بحمد ربك بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} .

105- عن عبدِ اللهِ بنِ بُحَيْنَةَ ـ وكان من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم ـ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر، فقام في الركعتين الأولَيَيْنِ ولم يجلسْ، فقام الناس معه، حتى إذا قضى الصلاةَ وانتظر الناسُ تسليمَهُ، كَبَّرَ وهُوَ جالسٌ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قبل أن يُسَلِّمَ، ثم سَلَّمَ .

باب المرور بين يدي المصلي

106- عن أبي جُـهَيْمٍ عبد الله بن الحارث بن الصِّمَّة الأنصاريِّ رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لو يعلمُ المارُّ بين يَدَيِ المصلي ماذا عليه من الإثمِ، لكان أنْ يقفَ أربعين، خيراً له من أن يَمُرَّ بين يديه" .
قال أبو النَّضْرِ : لا أدري، قال أربعين يوماً، أو شهراً، أو سنةً .

107- عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه، قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا صلى أحدُكم إلى شيء يستُرُهُ من الناس، فأراد أحدٌ أنْ يَجْتازَ بين يديه فلْيَدْفَعْهُ، فإنْ أَبَى فَلْيُقاتِلْهُ فإنما هو شيطانٌ" .

108- عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال : أَقْبَلْتُ راكباً على حمارٍ أتَانٍ، وأنا يومئذٍ قد ناهزتُ الاحتلامَ، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناسِ بمنىً إلى غيرِ جِدار، فمررتُ بين يَدَيْ بعضِ الصَّفِّ، فَنَزَلْتُ، فَأَرْسَلْتُ الأتَان تَرتَعُ، وَدَخَلْتُ في الصَّفِّ، فلم يُنْكِرْ ذلك عليّ أحدٌ .

109- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : كنتُ أنامُ بين يديْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ـ ورجلايَ في قِبْلَتِهِ ـ فإذا سجد غَمَزَني فقبضتُ رِجْلَيَّ، وإذا قام بسطتُهُما، قالت : والبيوتُ يومَئِذٍ ليس فيها مصابيحُ .
باب جامع

110- عن أبي قتادةَ الحارث بن رِبْعِيِّ الأنصاريِّ رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا دخل أحدُكم المسجدَ، فلا يجلسْ حتى يصليَ ركعتين" .

111- عن زيدِ بنِ أرقـمَ رضي الله عنه، قال : كنا نتكلم في الصلاةِ، يُكَلِّمُ الرجلُ منا صاحبَه وهو إلى جَنْبِهِ في الصلاةِ، حتى نزلت {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فأُمِرْنا بالسكوتِ، ونُهِينا عن الكلامِ .

112- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، وأبي هريرة رضي الله عنهما، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إذا اشتدَّ الحرُّ، فأَبْرِدُوا عن الصلاةِ، فإنَّ شدَّةِ الحرِّ من فَيْحِ جهنمَ".

113- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "من نَسِيَ صلاةً، فلْيُصَلِّها إذا ذَكَرَها لا كفارةَ لها إلا ذلك، وتلا قولَهُ تعالى {وأَقِمِ الصَّلاةَ لذكري}" .
ولمسلم : "من نَسِيَ صلاةً أو نامَ عنها، فكفارتُها أن يُصَلِّيَها إذا ذَكَرَها" .

114- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رضي الله عنهما، أنَّ معاذَ بنَ جبلٍ رضي الله عنه كان يصلي مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم العشاءَ الآخرةَ، ثم يرجعُ إلى قومِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ تلكَ الصلاةَ .

115- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، قال : كنا نصلي مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في شِدَّةِ الحرِّ، فإذا لم يستطع أحدُنا أن يُـمَكِّنَ جبهتَهُ من الأرضِ، بَسَطَ ثوبَهُ فَسَجَدَ عليه .

116- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "لا يصلي أحدُكم في الثوبِ الواحدِ، ليس على عاتِقِهِ منه شيءٌ" .

117- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : "من أَكَلَ ثوما أو بصلاً فَلْيَعْتَزِلْنا ـ أو لِيَعْتَزِلْ ـ مَسْجِدَنا، ولْيَقْعُدْ في بيـتِه" وأُتِيَ بقِدْرٍ فيه خَضِرَاتٌ (1) من بُقُول، فَوَجَدَ لها ريحاً، فسأل عنها : فأُخبِرَ بما فيها من البُقُول، فقال : "قربوها" ـ إلى بعض أصحابه كان معه ـ فلما رآهُ كره أكلَها، قال : "كُلْ فإني أناجي من لا تُناجي" .

118- عن جابرٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : "من أَكَلَ البَصَلَ أو الثومَ أو الكُرّاثَ، فلا يَقْرَبَنَّ مسجِدَنا، فإن الملائكةَ تـتأذى مما يتأذى منه بنو آدَمَ" .

باب التشهد

119- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه، قال : عَلَّمَني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم التَّشَهُّدَ، كَفِّي بين كَفَّيْهِ، كما يُعَلِّمُني السورةَ من القرآنِ : التحياتُ للهِ والصلواتُ والطيباتُ، السلامُ عليكَ أيها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاتُهُ، السلامُ عَلَيْنا وعلى عبادِ الله الصالحين، أشهدُ أن لا إله إلا الله، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ .
وفي لفظ : "إذا قَعَدَ أحدُكُمْ للصلاةِ، فَلْيَقُلْ التحياتُ لله" ـ وذكره ـ وفيه : "فإنكم إذا فعلتم ذلك، فقد سَلَّمْتُم على كلِّ عبدٍ صالحٍ في السماء والأرض" ـ وفيه : "فَلْيَتَخَيَّرْ من الـمَسْأَلَةِ ما شاءَ" .

120- عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال : لَقِيَني كعبُ بنُ عُجْرَةَ، فقال : ألا أُهْدِي لك هديةً ؟ إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرج علينا، فقلنا : يا رسولَ الله قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك، فقال : قولوا: "اللهم صلِّ على محمد، وعلى آلِ محمد، كما صَلَّيْتَ على إبراهيمَ، وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميد مجيد، وبارك على محمدٍ، وعلى آلِ محمدٍ، كما باركت على إبراهيمَ، وعلى آلِ إبراهيم إنك حميدٌ مجيدٌ" .

121- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدعو في صلاته : "اللهم إني أعوذ بك من عذابِ القبرِ، ومن عذابِ النارِ، ومن فتنةِ الـمَحْيا والـمَمَاتِ، ومن فِتْنَةِ المسيحِ الدجالِ" .
وفي لفظ لمسلم : "إذا تَشَهَّدَ أحدُكم، فليستعذْ باللهِ من أربعٍ، يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذابِ جهنمَ" ثم ذكر نحوه .

122- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بن العاصِ، عن أبي بكرٍ الصديقِ رضي الله عنهم، أنه قال لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم : علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي، قال : "قل : اللهم إني ظلمتُ نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفرُ الذنوب إلا أنتَ، فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني، إنك أنت الغفورُ الرحيمُ" .

123- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : ما صلى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاةً، بعد أن نزلتْ عليه {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} إلا يقول فيها : "سبحانك اللهم ربنا وبحمدكَ، اللهم اغفر لي" .
وفي لفظ : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يكثرُ أن يقولَ في ركوعِهِ وسجوده : "سبحانك اللهم ربنا وبحمدِكَ، اللهم اغفر لي" .

باب الوِتْر

124- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، قال : سأَلَ رجلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو على المنبرِ : ما ترى في صلاةِ الليلِ ؟ قال : "مَثْنى مَثْنى، فإذا خَشِيَ أحدُكم الصُّبْحَ، صلى واحدةً، فأَوْتَرَتْ له ما صلى" وأنه كان يقول : "اجعلوا آخر صلاتِكُمْ بالليل وِتْراً" .

125- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : مِنْ كلِّ الليلِ قد أوترَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، من أوَّلِ الليلِ، وأوْسَطِهِ، وآخِرِهِ فانتهى وِتْــرُهُ إلى السَّحَر .

126- عن عائشة رضي الله عنها، قالت : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلي من الليل ثلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يوتِرُ من ذلك بخمسٍ، لا يجلسُ في شيءٍ إلا في آخِرِها

باب الذكر عقب الصلاة

127- عن عبدِ الله بن عباسٍ رضي الله عنهما، أنَّ رَفْعَ الصوتِ بالذِّكْرِ حينَ ينصرفُ الناسُ من المكتوبة كان على عهد رسولِ الله صلى الله عليه وسلم .

قال ابنُ عباسٍ : كنتُ أعلمُ إذا انصرفوا بذلك إذا سَمِعْتُهُ .

وفي لفظ : ما كُنا نعرفُ انقضاءَ صلاةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، إلا بالتكبير .

128- عن وَرّادٍ مولى المغيرةِ بنِ شُعْبَةَ، قال : أَمْلَى عليَّ المغيرةُ بنُ شُعْبَةَ في كتابٍ إلى معاويةَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقولُ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ : "لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، اللهم لا مانِعَ لما أعطيتَ ولا مُعْطِيَ لما منعتَ ولا ينفعُ ذا الجدِّ منك الجدُّ" ثم وَفَدْتُ بعد ذلك على معاويةَ، فسمعتُهُ يأمرُ الناسَ بذلكَ .

وفي لفظ : كان ينهى عن قيلَ وقالَ، وإضاعةِ المالِ، وكثرةِ السؤال، وكان ينهى عن عقوقِ الأُمَّهاتِ، ووأدِ البناتِ، ومنعٍ وهاتِ .

129- عن سُمَيٍّ ـ مولى أبي بكرِ بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ـ عن أبي صالح السَّمَّان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ فقراءَ المهاجرين أَتَوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا : يا رسولَ الله، ذهبَ أهلُ الدُّثُورِ بالدَّرَجات العُلى والنعيمِ المقيمِ، فقال : "وما ذاك" ؟ قالوا : يُصَلون كما نصلي، ويصومون كما نصومُ، ويتصدقون ولا نتصدقُ، ويُعْتِقُونَ ولا نُعْتِقُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "أفلا أعلمكم شيئاً، تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بَعْدَكُم، ولا يكونُ أحدٌ أفضلَ منكم، إلا من صنع مثلَ ما صنعتم" ؟ قالوا : بلى يا رسولَ الله، قال : "تُسَبِّحون، وتُكَبِّرون، وتَحْمَدُون دُبُرَ كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثينَ مَرَّةً، قال أبو صالح : فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا : يا رسولَ الله، سمعَ إخوانُنا أهلُ الأموالِ بما فعلنا ففعلوا مثلَهُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "ذلك فضلُ الله يؤتيهِ من يشاءُ" .

قال سُمَيٌّ : فَحَدَّثْتُ بعض أهلي بهذا الحديث، فقال : وَهَمْتَ، إنما قال : "تسبحُ الله ثلاثاً وثلاثين، وتحمدُ الله ثلاثاً وثلاثين، وتكبرُ الله ثلاثاً وثلاثين" فرجعتُ إلى أبي صالح فذكرت له ذلك، فأخذ بيدي، فقال : قُل : الله أكبرُ، وسبحانَ الله، والحمدُ لله، الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، حتى تبلغَ من جميعِهِنَّ ثلاثاً وثلاثين .

130- عن عائشةَ رضي الله عنها، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلّى في خَمِيصَةٍ لها أعلامٌ، فنظرَ إلى أعلامِها نَظْرَةً، فلما انصرفَ قال : "اذهبوا بخميصَتي هذه إلى أبي جَهْمٍ، وائتوني بأنْبِجَانِــيّـة أبي جَهْمٍ، فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي" .

الخَمِيصَةُ : كساء مُرَبَّع له أعلام . والأنبجانية : كساء غليظ .

باب الجمع بين الصلاتين في السفر

131- عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يجمعُ في السفرِ، بين صلاةِ الظهرِ والعصرِ، إذا كان على ظَهْرِ سَيْرٍ، ويجمع بين المغربِ والعشاءِ .

باب قصر الصلاة في السفر

132- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، قال : صَحِبْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فكان لا يزيدُ في السفرِ على ركعتين، وأبا بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ كذلك .



باب الـجُمُعة (1)

133- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "من جاءَ منكُمُ الجُمُعَةَ فلْيَغْتَسِلْ" .

134- عن عبدِ اللهِ بن عمرَ رضي الله عنهما، قال : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وهو قائم، يَفْصِل بينهما بجلوسٍ .

135- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رضي الله عنهما، قال : جاءَ رجلٌ والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ الناسَ يومَ الجمعةِ، فقال : "صَلَّيْتَ يا فلان" ؟ قال : لا، قال : "قم فاركع ركعتين" .

وفي رواية : "فَصَلِّ ركعتين" .

136- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : "إذا قُلْتَ لصاحبِك : أنصتْ يومَ الجمعةِ، والإمامُ يخطُب، فقد لَغَوْتَ" .

137- عن سَهْلِ بنِ سعدٍ الساعديِّ رضي الله عنه، أن رجالاً تمارَوْا في منبرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، من أيِّ عودٍ هُوَ ؟ فقال سهلٌ : من طَرْفاءِ الغابَةِ، وقد رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قامَ عليه فَكَبَّرَ، وكبرَ الناسُ وراءَه وَهُوَ على المنبرِ، ثم ركعَ، فَنَزَلَ القَهْقَرَى، حتى سَجَدَ في أَصْلِ المِنْبَرِ، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبلَ على الناسِ، فقال : "يا أيها الناسُ، إنما صنعتُ هذا، لِتَأْتَـمُّوا بي، ولِتَعَلَّمُوا صلاتي" .

وفي لفظ : فصلى وهو عليها، ثم كَبَّرَ عليها، ثم رَكَعَ وهو عليها، ثم نزل القَهْقَرَى .

138- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "من اغتسل يومَ الجُمُعَةِ غسلَ الجنابةِ، ثم راح في الساعة الأولى، فكأنما قَرَّبَ بَدَنَة، ومن راحَ في الساعةِ الثانيةِ، فكأنما قَرَّبَ بَقَرَةً، ومن راحَ في الساعةِ الثالثةِ، فكأنما قرب كبشاً أَقْرَنَ، ومن راحَ في الساعةِ الرابعةِ، فكأنما قَرَّبَ دجاجة، ومن راحَ في الساعةِ الخامسةِ، فكأنما قَرَّبَ بيضة، فإذا خرج الإمامُ حضرتِ الملائكةُ يَسْتَمعون الذِّكْـرَ" .

139- عن سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه ـ وكان من أصحابِ الشجرةِ ـ قال : كنا نصلي مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الجُمُعَةِ، ثم ننصرفُ وليس للحيطانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ بِهِ .

وفي لفظ : كنا نُجَمِّع مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إذا زالتِ الشمسُ، ثم نَرْجِعُ فَنَتَـتَـبَّعُ الفيءَ .

140- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقرأُ في صلاةِ الفجرِ يومَ الجُمُعة {آلم تنزيل} السجدة، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ} .

باب العيدين

141- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، قال : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وأبو بكرٍ، وعمرُ، يصلون العيدين قَبْلَ الخُطْبَةِ .

142- عن البراءِ بنِ عازبٍ رضي الله عنهما، قال : خَطَبَنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى بعد الصلاة، فقال : "من صلى صلاتَنا، ونَسَكَ نُسُكَنا، فقد أصاب النُّسُكَ، ومن نَسَكَ قبل الصلاة فلا نُسُكَ له" فقال أبو بُرْدَةَ بنُ نِيارَ ـ خال البراء بن عازب ـ : يا رسولَ الله، إني نَسَكْتُ شاتي قبلَ الصلاةِ، وعَرَفْتُ أنَّ اليومَ يومُ أكلٍ وشُرْبٍ، وأحببتُ أن تكون شاتي أولَ ما يُذْبَحُ في بيتي، فذبحتُ شاتي، وتَغَدَّيْتُ قبل أن آتي الصلاةَ، قال : "شاتُكَ شاةُ لحمٍ" قال : يا رسولَ الله، فإنَّ عندنا عَناقاً لنا جذعة، هي أحبُّ إليَّ من شاتيْن، أفتُجْزي عني، قال : "نعم" ولن تجزيَ عن أحد بعدَك .

143- عن جُنْدُب بنِ عبدِ الله البَجَليِّ رضي الله عنه، قال : صَلى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ النحرِ، ثم خطبَ ثم ذبحَ، وقال : "من ذبح قبل أن يصلي، فَلْيَذْبَح أُخرى مكانها، ومن لم يذبحْ، فلْيذبح باسمِ الله" .

144- عن جابر رضي الله عنه، قال : شَهِدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخُطْبَةِ بلا أذان ولا إقامة، ثم قام مُتَوَكِّئاً على بلالٍ، فأمرَ بتقوى الله تعالى، وحث على طاعتِه، ووعظ الناسَ وذَكَّرَهُم، ثم مَضى حتى أتى النساءَ فَوَعَظَهُنّ وَذَكَّرَهُنّ، فقال : "يا معشرَ النساءِ تَصَدَّقْنَ، فإنكن أكثرُ حَطَبِ جهنمَ" فقامتِ امرأةٌ من سِطَةِ النساءِ، سَفْعاءُ الخدين، فقالت : لِمَ يا رسولَ الله، فقال : "لأنكن تُكْثِرْنَ الشَّكاةَ، وتَكْفُرْنَ العشيرَ" قال : فجعلنَ يَتَصَدَّقْنَ من حُلِيِّهِنِّ، يُلْقِينَ في ثوب بلالٍ من أقرطـتِـهِنَّ وخواتيمهن .

145- عن أمِّ عطيةَ نُسَيْبَةَ الأنصاريَّةِ رضي الله عنها، قالت : أَمَرَنا ـ تعني النبيَّ صلى الله عليه وسلم ـ أن نُخرج في العيدين العواتِقَ، وذواتِ الخُدورِ، وأَمَرَ الحُيَّضَ أن يعتزلنَ مُصَلى المسلمين .

وفي لفظ : كنا نُؤْمَرُ أن نَخْرُجَ يومَ العيد، حتى نُخْرِجَ البكرَ من خِدْرِها، وحتى تَخْرجَ الحُيَّض فيَكُنّ خلف الناس، فيُكَبِّرن بتكبيرهم، ويَدْعُون بدعائِهِم، يَرْجُون بركةَ ذلك اليوم وَطُهْرَتَهُ .

باب صلاة الكسوف

146- عن عائشةَ رضي الله عنها، أنَّ الشمسَ خَسَفَتْ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَ منادياً ينادي الصلاةَ جامعةً، فاجتمعوا، وتقدمَ فكبرَ، وصلى أربعَ رَكَعاتٍ في ركعتين، وأربَعَ سَجَداتٍ .

147- عن أبي مسعودٍ عُقْبَةَ بنِ عمرٍو الأنصاريِّ البدريِّ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "إنَّ الشمسَ والقمرَ آيتان من آياتِ الله، يخوف اللهُ بهما عباده، وإنهما لا ينكسفان لموتِ أحدٍ من الناسِ، ولا لحياتِه، فإذا رأيتم منها شيئاً، فصلوا وادعو الله، حتى ينكشفَ ما بكم" .

148- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : خَسَفَتِ الشمسُ على عهد رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فصلى بالناس، فأطالَ القيامَ ثم ركعَ فأطالَ الركوعَ، ثم قامَ فأطالَ القيامَ، وهو دون القيامِ الأوَّلِ، ثم ركعَ فأطالَ الركوعَ ـ وهو دون الركوع الأول ـ ثم سجدَ فأطالَ السجودَ، ثم فعلَ في الركعة الأخرى، مثلُ ما فعلَ في الركعة الأولى، ثم انصرف وقد تَجَلَّتِ الشمسُ، فخطبَ الناسَ، فَحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه، ثم قال : "إنَّ الشمسَ والقمرَ آيتان من آياتِ الله، لا ينخسفان لموتِ أحدٍ، ولا لحياتِهِ، فإذا رأيتم ذلك، فادعو اللهَ، وكبروا، وصلوا، وتصدقوا" ثم قال : "يا أُمَّةَ محمدٍ، والله ما مِنْ أحدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ، مِنْ أن يزنيَ عبدُه، أو تزنيَ أَمتُه، يا أُمَّةَ محمدٍ، واللهِ لو تعلمون ما أعلمُ، لَضَحِكْتم قليلاً، وَلَبَكَيْتُم كثيراً ".

وفي لفظ : فاستَكْمَلَ أربَعَ رَكَعات، وأرْبَعَ سَجَدات .

149- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال : خَسَفَتِ الشمسُ، في زمان النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقامَ فَزِعاً، يَخْشى أن تكونَ الساعةُ، حتى أتى المسجدَ، فقام يصلي بأطولِ قيامٍ وركوعٍ وسجودٍ، ما رأيتُهُ يفعلُه في صلاةٍ قَطُّ، ثم قال : "إنّ هذه الآيات التي يُرْسِلُها الله تعالى عز وجل، لا تكون لموت أحدٍ ولا لحياتِهِ، ولكنَّ الله يرسِلُها يخوفُ بها عبادَهُ، فإذا رأيتم منها شيئاً، فافزعوا إلى ذكرِ الله ودعائِه واستغفارِه" .

باب صلاة الاستسقاء

150- عن عبدِ اللهِ بنِ زيدِ بنِ عاصمٍ الـمَـازِنِيِّ رضي الله عنه، قال : خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَسْقِــي، فَتَوَجَّهَ إلى القبلَةِ يدعو، وحَوَّلَ رِداءَهُ، ثم صلى ركعتين جَهَرَ فيهما بالقراءَةِ .

وفي لفظ : أتى المُصَلّى .

151- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، أنَّ رجلاً دخلَ المسجدَ يومَ الجُمُعَةِ من باب كان نحوَ دارِ القَضاءِ، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ يخطُبُ، فاستقبلَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قائماً، ثم قال : يا رسولَ الله هلكتِ الأموالُ وانقطعتِ السُّبُلُ، فادعُ اللهَ يُغِثْنا، قال : فرفعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يديه، ثم قال : "اللهم أغثْنا، اللهم أغثْنا، اللهم أغثْنا" قال أنسٌ : فلا والله ما نرى في السماءِ من سحابٍ ولا قَزَعَةٍ، وما بيننا وبين سَلْعٍ من بيتٍ ولا دارٍ، قال : فَطَلَعَتْ من ورائِه سحابةٌ مثل التُّرْسِ، فلما تَوَسَّطَتِ السماءَ، انتشرتْ، ثم أمطرتْ، قال : فلا واللهِ ما رأينا الشمس سَبْتاً .

قال : ثم دخلَ رجلٌ من ذلك البابِ في الجُمُعَةِ المقبلةِ، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ يخطُبُ الناسَ، فاستقبلَه قائماً، فقال : يا رسولَ الله هلكتِ الأموالُ، وانقطعتِ السُّبُلُ، فادع الله أن يُمْسِكْها عنا، قال : فَرَفَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يديه، ثم قال : "اللهم حوالَيْنا ولا علَيْنا، اللهم على الآكام والظِّرَاب، وبُطون الأودِيَةِ، ومنابت الشجر" فأَقْلَعَتْ وخرجنا نمشي في الشمسِ، قال شَرِيكٌ : فسألتُ أنسَ بنَ مالكٍ، أهو الرجلُ الأولُ، قال : لا أدري .

قال المصنف رحمه الله تعالى : الظِّراب، الجبال الصغار، والآكام : جمع أكمة وهي أعلى من الرابية، ودون الهضبة، ودار القضاءِ، دار عمر بن الخطاب رضي الله عنه، سُمِّيَتْ بذلك لأنها بيعت في قضاء دينه .

باب صلاةِ الخَوْف

152- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنهما، قال : صلى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الخوفِ في بعضِ أَيَّامِهِ التي لقِيَ فيها العدوَّ، فقامتْ طائفةٌ معه، وطائفةٌ بإِزاءِ العدوِّ، فصلى بالذين معه ركعةً، ثم ذهبوا، وجاءَ الآخرون، فصلى بهم ركعةً، وقَضَتِ الطائفتانِ ركعةً، ركعةً .

153- عن يَزيدَ بنِ رُومانَ، عن صالحِ بنِ خَوّاتِ بنِ جُبَيْرٍ، عَمَّنْ صلى مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ ذاتِ الرِّقاعِ، صلاةَ الخوفِ، أنَّ طائفةً صَفّتْ معه، وطائفةً وِجَاهَ العدوِّ، فصلى بالذين معهُ ركعةً، ثم ثَبَتَ قائماً، فأتموا لأنفسِهِم، ثم انصرفوا، فصفوا وِجَاهَ العدوِّ، وجاءتِ الطائفةُ الأُخرى، فصلى بهم الركعةَ التي بَقِيتْ، ثم ثَبَتَ جالساً، وأتموا لأنفسِهم، ثم سَلَّمَ بهم .

الرجلُ الذي صلى مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، هو سهلُ بنُ أبي حَثْمَةَ .

154- عن جابرِ بنِ عبدِ الله الأنصاريِّ رضي الله عنهما، قال : شَهِدْتُ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الخوفِ، فصففنا صفين، خلفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، والعدوُّ بينَنا وبين القِبلةِ، فَكَبَّرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وكبرنا جميعاً، ثم ركعَ وركعنا جميعاً، ثم رفعَ رأسَه من الركوعِ ورفعنا جميعاً، ثم انحدرَ بالسجودِ والصفُّ الذي يليه، وقام الصفُّ المُؤَخّرُ في نحرِ العدوِّ، فلما قضى النبيُّ صلى الله عليه وسلم السجودَ وقام الصفُّ الذي يليه، انحدرَ الصفُّ المُؤَخَّر بالسجودِ، وقاموا، ثم تقدمَ الصفُّ المُؤَخَّرُ وتأخرَ الصفُّ المُقَدَّم، ثم ركعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وركعنا جميعاً، ثم رفعَ رأسَه من الركوعِ، ورفعنا جميعاً، ثم انحدرَ بالسجودِ والصفُّ الذي يليه ـ الذي كان مؤخراً في الركعةِ الأولى ـ فقام الصفُّ المؤخرُ في نحور العدوِّ، فلمّا قضى النبيُّ صلى الله عليه وسلم السجودَ، والصفُّ الذي يليه، انحدرَ الصفُّ المؤخرُ بالسجودِ، فسجدوا، ثم سلَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وسلمنا جميعاً، قال جابر : كما يصنعُ حَرَسُكم هؤلاء بأمرائِهِم . ذكره مسلم بتمامه، وذكر البخاريُّ طرفاً منه، وأنه صلى صلاةَ الخوفِ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الغزوةِ السابعةِ، غزوةِ ذاتِ الرقاعِ .

باب الجَنَائز

155- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : نَعَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم النجاشيَّ في اليومِ الذي مات فيه، وخرج بهم إلى الـمُصَلّى، فَصَفَّ بهم وكبر أربعاً .

156- عن جابرٍ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلى على النجاشيِّ، فكنتُ في الصفِّ الثاني أو الثالثِ .

157- عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رضي الله عنهما، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه صَلى على قبرٍ، بعدما دُفِنَ، فكبر عليه أربعاً .

158- عن عائشةَ رضي الله عنها، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كُـفـِّنَ في ثلاثةِ أثوابٍ يَمانِيَّةٍ بيضٍ سَحُوليّةٍ، ليس فيها قميصٌ ولا عِمامةٌ .

159- عن أمِّ عطيةَ الأنصاريةِ، قالت : دخلَ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، حين تُوُفِّيَتْ ابْنَـتُه زينبُ، فقال : "اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثَرَ من ذلك ـ إن رأيتُنَّ ذلك ـ بماءٍ وسدرٍ، واجعلنَ في الآخرةِ كافوراً ـ أو شيئاً من كافورٍ ـ فإذا فَرَغْتُنَّ فآذِنَّني، فلما فرغنا آذناه، فأعطانا حَقْوَهُ (1) فقال : أشعِرْنها إياه" يعني إزارَهُ .

وفي رواية : أو سبعاً، وقال : "أبدأن بميامِنِها، ومواضعِ الوُضوءِ منها" وأنَّ أمَّ عطيةَ قالت : وجعلنا رأسَها ثلاثةَ قُرونٍ .

160- عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال : بينما رجلٌ واقفٌ بعرفةَ، إذ وقعَ عن راحلتِهِ، فَوَقَصَتْه ـ أو قال فأَوْقَصَتْه ـ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "اغسلوه بماءٍ وسدرٍ، وكَفِّنوه في ثَوْبَـيْه، ولا تُحَنِّطوه، ولا تُخَمِّروا رأسَه، فإنه يبعثُ يومَ القيامةِ مُلَبِّياً" .

وفي رواية : "ولا تُخَمِّروا وجهَهُ، ولا رأسَهُ" .

قال المصنف : الوقص : كسر العنق .

161- عن أمِّ عطيةَ الأنصاريةِ، قالت : نُهينا عن اتباعِ الجنائزِ، ولم يُعْزَمْ علينا .

162- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : "أسرعوا بالجنازةِ، فإنها إنْ تَكُ صالحةً، فخيرٌ تقدمونها إليه، وإن تك سِوى ذلك، فشرٌ تضعونَهُ عن رقابِكم" .

163- عن سَمُرَةَ بن جُنْدُب رضي الله عنه، قال : صليتُ وراءَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم على امرأةٍ ماتت في نِفاسِها، فقام وَسْطَها .

164- وعن أبي موسى عبدِ الله بن قيسٍ الأشعريِّ رضي الله عنه، أن رسولَ الله بَرِئَ من الصّالِقَةِ والحالِقَةِ والشّاقّةِ .

الصالقة : التي ترفع صوتها عند المصيبة .

165- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالتْ : لما اشتَكى النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ذَكَرَ بعضُ نسائِه كنيسةً رأيْـنَها بأرض الحبشةِ، يقال لها : مارِيَةَ، وكانت أمُّ سلمةَ وأمُّ حبيبةَ رضي الله عنهما، أتـتا أرضَ الحبشةِ، فذكرتا من حُسْنِها وتصاويرَ فيها، فرفعَ رأسَه صلى الله عليه وسلم، وقال : "أولئك إذا ماتَ فيهم الرجلُ الصالحُ، بَنَوا على قبرِه مسجداً، ثم صَوّروا فيه تلك الصُّوَرَ، أولئك شرارُ الخلقِ عند اللهِ" .

166- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ـ في مرضه الذي لم يقمْ منه ـ : "لعنَ اللهُ اليهودَ والنصارى اتخذوا قبورَ أنبيائِـهم مساجدَ" قالت : ولولا ذلك لَأُبْرِزَ قبرُه، غيرَ أنه خُشِيَ أن يُـتَّخَذَ مسجداً .

167- عن عبدِ الله بن مسعودٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : "ليس منا مَنْ ضَرَبَ الخدودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودعا بدعوى الجاهليةِ" .

168- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "من شَهِدَ الجنازَةَ حتى يُصَلَّى عليها، فله قيراطٌ، ومن شَهِدَها حتى تدفنَ فله قيراطان" قيل : وما القيراطان ؟ قال : "مِثْلُ الجبلين العظيمين" .

ولمسلم : "أصغرُهما مثلُ جبلِ أُحُدٍ" .





كتاب الزكاة

169- عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لمعاذِ بنِ جبلٍ ـ حين بعَثَهُ إلى اليمنِ ـ : "إنك ستأتي قوماً أهل كتابٍ، فإذا جئتَهم فادْعُهُمْ إلى أن يَشْهَدوا أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً رسولُ الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أنَّ اللهَ قد فَرَضَ عليهم خمسَ صلواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أنَّ اللهَ قد فرضَ عليهم صدقةً تؤخذُ من أغنيائهم، فتردُّ على فقرائِـهم، فإنْ هم أطاعوا لك بذلك، فإياك وكرائِمَ أموالِـهم، واتقِ دعوةَ المظلومِ، فإنه ليس بينَـها وبين الله حجابٌ" .

170- عن أبي سعيد الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "ليس فيما دون خمسِ أَواقٍ صدقةٌ، ولا فيما دون خمسِ ذَوْدٍ صدقةٌ، ولا فيما دون خمسةِ أَوْسُقٍ صدقةٌ" .

171- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "ليس على المسلمِ في عبدِهِ، ولا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ" .

وفي لفظ : "إلا زكاةَ الفطرِ في الرقيق" .

172- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "العَجْماءُ جُبَارٌ، والبئرُ جُبارٌ، والمَعْدِنُ جُبَارٌ، وفي الرِّكاز الخُمُس" .

الجُبار : الهَدَرُ الذي لا شيء فيه، والعَجْماء : الدابة .

173- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : بعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عُمَرَ على الصدقةِ، فقيل : مَنَعَ ابنُ جَمِيلٍ، وخالدُ بنُ الوليد، والعباسُ عَمُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "ما يَـنْقِمُ ابنُ جَميلٍ، إلا أن كان فقيراً فأغناهُ الله، وأما خالدٌ : فإنكم تظلمون خالداً، فقد احْتَبَسَ أَدْراعَهُ وأعتادَهُ في سبيل الله، وأما العباسُ : فهي عَلَيَّ ومثلُها"، ثم قال : "يا عمرُ ! أما شَعَرْتَ أنّ عَمَّ الرجلِ صِنْوُ أبيهِ" .

174- عن عبدِ اللهِ بنِ زيدِ بنِ عاصمٍ المازنيِّ رضي الله عنه، قال : لما أَفَاءَ اللهُ على نبيِّهِ صلى الله عليه وسلم يومَ حنينٍ، قَسَمَ في الناس، وفي المُؤَلَّفَةِ قلوبُهُم ولم يعطِ الأنصارَ شيئاً، فكأنهم وَجَدوا في أنفسِهم، إذ لم يُصِبْهم ما أصابَ الناسَ، فَخَطَبَهُمْ، فقال : "يا معشرَ الأنصارَ، ألم أجدكم ضُلّالاً فهداكم الله بي ؟ وكنتم متفرقين فَأَلَّفَكُم الله بي ؟ وعالَةً فأغناكم الله بي" كلما قال شيئاً، قالوا : اللهُ ورسولُهُ أمَنُّ، قال : "ما يمنعُكُم أنْ تجيبوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قالوا : اللهُ ورسولهُ أَمَنُّ، قال : "لو شئتم لقلتم : جِئْتَنا كذا وكذا، ألا ترضوْن أن يذهبَ الناسُ بالشاةِ والبعيرِ، وتذهبون بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى رحالِكم، لولا الهجرةُ لكنت امرَءاً من الأنصارِ، ولو سلك الناسُ وادياً أو شِعْباً، لَسَلَكْتُ واديَ الأنصارِ وشِعْبَها، الأنصارُ شِعارٌ، والناسُ دِثارٌ، إنكم سَتَلْقَوْن بعدي أَثَرَةً، فاصبروا حتى تَلْقَوْني على الحوضِ" .

باب صدقة الفطر

175- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، قال : فرضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الفِطْرِ ـ أو قال رمضانَ ـ على الذكرِ والأنثى، والحرِّ والمملوكِ، صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، قال : فعَدَلَ الناسُ به نصفَ صاعٍ من بُرٍّ، على الصغيرِ والكبيرِ .

وفي لفظ : أن تؤدى قبلَ خروجِ الناسِ إلى الصلاةِ .

176- عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قال : كنا نعطيها في زمنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعامٍ، أو صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من شعيرٍ، أو صاعاً من أَقِطٍ، أو صاعاً من زبيبٍ، فلما جاء معاويةُ، وجاءتِ السَّمْرَاءُ، قال : أَرَى مُدّاً من هذه يَعْدِلُ مُدَّيْن .

قال أبو سعيد : أما أنا فلا أزالُ أُخْرِجُهُ كما كنتُ أُخْرِجُهُ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم .






كتاب الصيام

177- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تَـقَدّمُوا رمضان بصوم يوم، ولا يومين، إلا رجلا كان يصومُ صوماً فلْيَصُمْهُ" .

178- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا رأيتموه فَصُوموا، وإذا رأيتموه فَأَفْطِروا، فإنْ غُـمّ عليكم فاقْدُروا له" .

179- عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "تَسَحَّروا، فإن في السَّحور بَرَكَةً" .

180- عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال : تَسَحَّرْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قام إلى الصلاة، قال أنس : قلت لزيد : كم كان بين الأذان والسَّحور، قال : قَدْرُ خمسين آية .

181- عن عائشةَ، وأمِّ سلمةَ رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُدْركُه الفجرُ، وهو جُنُبٌ من أهلِه، ثم يغتسلُ ويصومُ .

182- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : "من نَسِيَ وهُوَ صائم، فَأَكَلَ أو شَرِبَ، فلْيُتِمَّ صومَه، فإنما أطعَمَهُ اللهُ وسَقَاه" .

183- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل، فقال : يا رسول الله، هلكتُ، فقال : "مالك" قال : وَقَعْتُ على امرأتي وأنا صائم ـ وفي رواية : أَصَبْتُ أهلي في رمضان ـ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هل تجد رقبةً تُعْتِقُها" قال : لا، قال : "فهل تستطيعُ أن تصومَ شهرين متتابعين" قال : لا، قال : "فهل تجدُ إطعامَ ستين مسكيناً" قال : لا، قال : فسكت النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فبينما نحن على ذلك، أُتِـيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَق فيه تمر ـ والعَرَقُ الـمِكْتَلُ ـ قال : "أين السائلَ" ؟ قال : أنا، قال : "خذ هذا، فتصدق به" فقال : على أفقرَ مني يا رسول الله، فوالله ما بين لا بَـتَـيْها ـ يريد الـحَرَّتَيْن ـ أهلُ بيتٍ أفقرُ مِنْ أهلِ بيتي، فَضَحِكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، حتى بدت أنيابه، ثم قال : "أطعمه أهلَكَ" .

الحَرَّةُ : أرض تَرْكَبُها حجارة سُودٌ .

بابُ الصومِ في السفرِ وغيره

184- عن عائشةَ رضي الله عنها، أنَّ حمزةَ بنَ عمرو الأسلميَّ، قال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم : أَأَصومُ في السفرِ ـ وكان كثيرَ الصيامِ ـ قال : "إن شئتَ فصمْ، وإن شئتَ فأفطرْ" .

185- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه ، قال : كنا نسافرُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فلم يَعِبِ الصائمُ على المفطرِ، ولا المفطرُ على الصائمِ .

186- عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال : خَرَجْنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضانَ، في حرٍّ شديدٍ، حتى إنْ كان أحدُنا ليَضَعُ يدَه على رأسِهِ من شِدَّةِ الحرِّ، وما فينا صائم إلا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وعبدُ الله بنُ رَواحةَ .

187- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فرأى زِحاماً ورجلاً قد ظُلّل عليه، فقال : "ما هذا" قالوا : صائمٌ، قال : "ليس من البِرِّ الصومُ في السفر" .

وفي لفظ لمسلم : "عليكم برُخْصَةِ اللهِ التي رَخَّصَ لكم" .

188- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، قال : كنا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في سفر، فمنا الصائِمُ، ومنا المفطِرُ، قال : فنزلنا مَنْزلاً في يوم حارٍّ، وأكثرُنا ظلاً صاحبُ الكساءِ، ومنا من يَـتَّـقِـي الشمسَ بيدِهِ، قال : فَسَقَطَ الصُّوّامُ، وقامَ المفطرون فضربوا الأَبْـنِـيَةَ، وسقوا الرِّكَابَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ذهب المفطرون اليومَ بالأجرِ" .

189- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : كان يكونُ عليَّ الصومُ من رمضان، فما أستطيعُ أنْ أقضيَ إلا في شعبانَ .

190- عن عائشةَ رضي الله عنها، أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قال : "من مات وعليه صيامٌ، صامَ عنه وَلِيُّهُ" .

وأخرجه أبو داود، وقال : هذا في النذرِ خاصةً، وهو قولُ أحمد بن حنبل رحمه الله .

191- عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال : جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صومُ شهرٍ، أَفَأَقْضيهِ عنها، قال : "لو كان على أمك دينٌ، أكنتَ قاضيهِ عنها" قال : نعم، قال : "فدين الله أحق أن يُقْضَى" .

وفي رواية : جاءت امرأة إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالت : يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صومُ نَذْرٍ، أفأصوم عنها، قال : "أفرأيتِ لو كان على أُمِّكِ دَيْنٌ، فقضَيْتِـيه، أكان ذلك يُؤَدّي عنها" ؟ قالت : نعم، قال : "فصومي عن أُمِّكِ" .

192- عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا يزال الناس بخير، ما عـجَّلوا الفطرَ، وأخَّروا السَّحورَ" .

193- عن عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا أقبل الليلُ من هاهنا، وأدبر النهارُ من هاهنا، وغربتِ الشمسُ، فقد أفطر الصائمُ" .

194- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوِصال، قالوا : يا رسول الله إنك تواصل، قال : "إني لستُ كهيئتِكم، إني أُطْعَمُ وأُسْقَى" .

ورواه أبو هريرة وعائشة وأنس بن مالك رضي الله عنهم .

195- ولمسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : "فأيُّكم أراد أن يواصلَ فلْيُواصلْ إلى السَّحَرِ" .

باب أفضلُ الصيامِ وغيرِه

196- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ رضي الله عنهما، قال : أُخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم، أني أقول : واللهِ لأصومَنّ النهارَ، ولأقومَنَّ الليلَ ما عِشْتُ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : "أنتَ الذي قلتَ ذلك" فقلت له : قد قلتُه بأبي أنت وأمي يا رسولَ اللهِ، قال : "فإنك لا تستطيعُ ذلك، فصمْ وأفطرْ، وقُمْ ونَمْ، وصم من الشَّهْرِ ثلاثةَ أيامٍ، فإنّ الحسنةَ بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر" قلت : إني لَأُطِيقُ أفضلَ من ذلك، قال : "فصم يوماً، وأفطر يومين" قلت : إني لأطيقُ أفضلَ من ذلك، قال: "فصم يوماً، وأفطر يوماً، فذلك صيام داود عليه السلام، وهو أفضلُ الصيام" قلت : إني لَأُطِيقُ أفضلَ من ذلك، فقال : "لا أفضلَ من ذلك" .

وفي رواية : قال : "لا صومَ فوقَ صَوْمِ أخي داودَ عليهِ السلامُ ـ شَطْرَ(1)

الدهرِ ـ صم يوماً وأفطر يوماً" .

197- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ رضي الله عنهما، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "إنَّ أحبَّ الصيامِ إلى اللهِ، صيامُ داودَ عليه السلام، وأحبَّ الصلاةِ إلى اللهِ، صلاةُ داودَ عليه السلام، كان ينام نصفَ الليلِ، ويقومُ ثُلُثَهُ وينام سُدُسَه، وكان يصومُ يوماً، ويفطرُ يوما" .

198- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، قال : أوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ، صيامِ ثلاثةِ أيامٍ من كلِّ شهر، وركعتيِ الضحى، وأن أُوتِرَ قَبْلَ أنْ أنامَ .

199- عن محمدِ بنِ عَبّاد بن جعفر، قال : سألتُ جابرَ بنَ عبدِ الله،
أَنَهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن صومِ يومِ الجُمُعَةِ ؟ قال : نعم .

وزاد مسلم : وربّ الكعبة .

200- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، قال : سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يقول : "لا يصومَنَّ أحدُكم يومَ الجُمُعَةِ، إلا أن يصوم يوماً قبلَه، أو يوما بعدَهُ" .

201- عن أبي عُبَيْد مَوْلَى ابنِ أزْهَرَ ـ واسمُهُ سعدُ بنُ عُبَيْدٍ ـ قال : شَهِدْتُ العيدَ مع عمرَ بنِ الخطاب رضي الله عنه، فقال : هذان يومان نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صيامِهِما، يومُ فِطْرِكُم من صيامكم، واليومُ الآخرُ تأكلون فيه من نُسُكِكُم .

202- عن أبي سعيدِ الخدريِّ رضي الله عنه، قال : نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، عن صومِ يومين : النحرِ ، والفطرِ ، وعن اشْتِمال الصَّمَّاءِ، وأن يَحْتَبِيَ الرجلُ في ثوبٍ واحدٍ، وعن الصلاة بعد الصبحِ والعصرِ، أخرجه مسلم بتمامه، وأخرج البخاريُّ الصومَ فقط .

203- عن أبي سعيدِ الخدريِّ رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "من صام يوماً في سبيل الله، بَعّدَ الله وجهَهُ عن النار سبعين خريفاً" .


باب ليلة القدر

204- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، أن رجالاً من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أُرُوا ليلةَ القدرِ في المنامِ، في السبعِ الأواخرِ، فقال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم : "أَرى رُؤياكم قد تواطأتْ في السَّبعِ الأواخرِ، فمن كان منكم مُتَحَرِّيها، فلْيَتَحَرَّها في السبعِ الأواخرِ" .

205- عن عائشةَ رضي الله عنها، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "تَحَرُّوا ليلة القدر في الوِترِ من العَشْرِ الأَوَاخِرِ" .

206- عن أبي سعيدِ الخدريِّ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكفُ في العَشْر الأَوْسَط من رمضانَ، فاعتكف عاماً، حتى إذا كانت ليلةُ إحدى وعشرين ـ وَهِيَ الليلةُ التي يخرج من صبيحتِها من اعتكافِه ـ قال : "من اعتكف معي فليعتكف في العشر الأواخر، فقد أُريت هذه الليلةَ ثم أُنسيتُها، وقد رأيتُني أسجدُ في ماءٍ وطينٍ من صبيحَتِها، فالتمسوها في العَشْرِ الأواخِرِ، والتمسوها في كل وِتْرٍ" قال : فَمَطَرَتِ السماءُ تلك الليلةَ، وكان المسجدُ على عَرِيشٍ، فَوَكَفَ المسجدُ، فأبصرتْ عيناي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وعلى جبهتِهِ أثرُ الماءِ والطينِ من صُبْحِ إِحْدَى وعشرينَ .

باب الاعتِكاف

207ـ عن عائشةَ رضي الله عنها، أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ، حتى توفاه اللهُ تعالى، ثم اعتكف أزواجُه من بعدِه .

وفي لفظ : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كلِّ رمضانَ، فإذا صلى الغَداةَ جاء مكانَه الذي اعتكف فيه .

208- عن عائشةَ رضي الله عنها، أنها كانت تُرَجِّلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وهِيَ حائضٌ، وهو معتكفٌ في المسجدِ، وهي في حُجْرَتِها، يناولها رأسَه .

وفي رواية : وكان لا يدخلُ البيتَ إلا لحاجة الإنسانِ .

وفي رواية : أنَّ عائشةَ قالت : إن كنتُ لَأَدْخُلُ البيتَ للحاجةِ والمريضُ فيه، فما أسألُ عنه إلا وأنا مارَّةٌ .

الترجيل : تسريح الشّعْر .

209- عن عمرَ بنِ الخطابَ رضي الله عنه، قال : قلت : يا رسول الله، إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتَكِفَ ليلةً ـ وفي رواية يوماً ـ في المسجد الحرام، قال : فأَوْفِ بنذرك، ولم يذكر بعض الرواة يوماً ولا ليلةً .

210- عن صفيةَ بنتِ حُيَيٍّ رضي الله عنها، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفاً في المسجد، فأتَـيْـتُه أزورُه ليلاً، فَحَدّثـتُه، ثم قمتُ لِأَنْقَلِبَ، فقام معي لِيَقْلِبَني، وكان مسكنُها في دار أسامةَ بنِ زيدٍ، فمرَّ رجلان من الأنصار، فلما رَأَيا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أسرعا في المَشْي، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : "على رسلِكُما، إنها صفيةُ بنتُ حُيَيٍّ" فقالا : سبحان الله ! يا رسولَ الله، فقال : "إن الشيطانَ يَجْري من ابنِ آدمَ مجرى الدم، وإني خفت أن يَقْذِفَ في قلوبكما شراً ـ أو قال شيئاً" .

وفي رواية : أنها جاءت تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثتْ عنده ساعةً، ثم قامتْ تَـنْـقَلِبُ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبُها، حتى إذا بلغ باب المسجد عند باب أمِّ سَلَمَةَ، ثم ذكرَهُ بمعناه .














كتاب الحج

باب المواقيت

211- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وَقّتَ لأهل المدينة ذا الحُلَيْفَةِ، ولأهل الشام الجُحْفَةَ، ولأهل نجد قَرْنُ المَنازِلِ، ولأهل اليمن يَلَمْلَمْ، وقال : "هُنَّ لهُن، ولمن أتى عليهِن من غيرِ أهلهِن، ممن أراد الحجَّ أو العمرةَ، ومن كان دون ذلك، فَمِنْ حيث أَنْشَأَ، حتى أهلُ مكةَ مِنْ مكةَ" .

212- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "يُهِلّ أهلُ المدينةِ من ذي الحُلَيْفَةِ، وأهل الشام من الجُحْفَةِ، وأهل نَجْدٍ من قَرْنٍ " قال عبد الله : وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ويُهِلُّ أهلُ اليمنِ من يلملم" .

باب ما يَلْبَسُ المحرم من الثياب

213- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رجلاً قال : يا رسول الله ما يَلْبَسُ المُحْرِمُ من الثياب ؟ قال : "لا يلبس القُمُصَ، ولا العمائمَ، ولا السَّراويلات، ولا البَرَانِسَ، ولا الخفافَ، إلا أحدٌ لا يجد نَعْلَيْنِ، فَلْيلبَسْ الخفين، وليقطعْهما أسفلَ مِنَ الكعبين، ولا يلبس من الثياب شيئاً مَسَّهُ زَعْفَرانٌ أو وَرْسٌ" .

وللبخاري : ولا تتنقبُ المرأةُ، ولا تَلْبَسُ القُفَّازين".

214- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال : سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بعرفات : "من لم يجد نَعْلَيْنِ فَلْيلبسِ الـخُفَّيْن، ومن لم يجد إزاراً فَلْيَلْبَسْ سراويل ـ يعني للمُحْرم ـ .

215- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ تلبيةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمدَ والنعمةَ لك والملك، لا شريك لك" قال : وكان عبدُ الله بنُ عُمَرَ يزيد فيها : لبيك لبيك، وسَعْدَيْك، والخير بيَدَيْك، والرَّغْباءُ إليكَ والعَمَلُ .

216- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تسافر مسيرةَ يومٍ وليلةٍ، ليس معها حُرْمَةٌ" .

وفي لفظ للبخاري : "لا تسافرْ يوماً ولا ليلة، إلا مع ذي محرم" .

باب الفدية

217- عن عبدِ اللهِ بن مَعْقِل، قال : "جلست إلى كعب بن عُجْرَةَ، فسألتُهُ عن الفِدْيَةِ، فقال : نزلت فِيَّ خاصة، وهي لكم عامة، حُمِلْتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقَمْلُ يَتَنَاثَر على وجهي، فقال : "ما كنت أرى الوَجَعَ بلغ بك ما أَرَى ـ أو ما كنتُ أرى الجَهْدَ بلغ بك ما أرى ـ أَتَجِدُ شاةً" فقلت : لا، قال : "فصم ثلاثة أيام، أو أطعم سِتَّةَ مساكينَ، لكلِّ مسكينٍ نصفُ صاعٍ" .

وفي رواية : فأمرَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُطْعِمَ فَرَقاً بين سِتَّةِ مساكين، أو يُهدِيَ شاةً، أو يصومَ ثلاثةَ أيام .

باب حرمة مكة

218- عن أبي شُرَيْحٍ ـ خُوَيْلِدِ بنِ عمرٍو ـ الخزاعيِّ العدويِّ رضي الله عنه : أنه قال لعَمْرِو بنِ سعيد بن العاص ـ وهو يبعث البعوث إلى مكة ـ : ائْذَنْ لي أيها الأمير أن أحدثك قولاً قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم الغَدَ من يومِ الفتح، فَسَمِعَتْهُ أُذُنايَ، وَوَعاه قلبي، وأبصرَتْهُ عَيْنَايَ، حين تكلم به : أَنَّه حَمِدَ اللهَ وأثنى عليه، ثم قال : "إن مكة حَرَّمَها الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض، ولم يُحَرِّمْها الناس، فلا يَـحِلُّ لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفِك (1) بها دماً، ولا يَعْضِدَ بها شجرةً، فإنْ أحدٌ تَرَخَّصَ بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقولوا : إن الله أذن لرسوله، ولم يأذن لكم، وإنما أذن لرسوله ساعة من نهار، وقد عادت حُرْمَتُها اليوم كَحُرْمَتِها بالأمسِ، فَلْيُبَلِّغِ الشاهدُ الغائبَ، فقيل لأبي شُرَيْحٍ : ما قال لك عمرو ؟ قال : أنا أعلم بذلك منك يا أبا شُرَيْح، إن الحرم لا يُعيذُ عاصياً، ولا فاراً بدم، ولا فاراً بِخَرْبَةٍ (1) .

الخَرْبَةُ : بالخاء المُعْجَمَةِ، والراء المهملة، قيل : الخيانة، وقيل : البلية، وقيل : التهمة، وأَصْلُها في سرقة الإبل .

قال الشاعر :

وتلك قُرْبى مثلَ أن تُناسبا أنْ تَشْبَهَ الضرائبُ الضرائبا

والخارِبُ اللصُّ يُحِبُّ الخاربا

219- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ يومَ فتحِ مكةَ ـ : "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهادٌ ونِـيَّةٌ، وإذا اسْتِنْفِرْتُم فانفِروا" وقال يومَ فتحِ مكةَ : "إن هذا البلدَ حَرَّمَهُ الله يومَ خلق السموات والأرض، فهو حرام بِحُرْمَةِ الله إلى يومِ القيامةِ، وإنه لمْ يَحِلَّ القتالُ فيه لأحدٍ قبلي، ولمْ يَحِلَّ لي إلا ساعةً من نهار، وهي ساعتي هذه، فهو حرامٌ بحرمةِ اللهِ إلى يومِ القيامةِ، لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، ولا يُنَفَّر صَيْدُهُ، ولا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلا من عَرَّفَها، ولا يُخْتَلَى خَلاهُ" فقال العباس : يا رسول الله، إلا الإذْخِرَ، فإنه لِقَيْنِهِمْ وبُيُوتهم، فقال : "إلا الإذْخِر" .

القَيْنُ : الحَدَّادُ .

باب ما يجوز قتله

220- عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "خمس من الدواب كلُّهن فاسقٌ، يُقْتَلْنَ في الحرم، الغرابُ، والحِدَأَةُ، والعقربُ، والفأرةُ، والكلبُ العقورُ" .

ولمسلم : "يُقْتَلُ خمسٌ فواسقُ في الحِلِّ والحرم" .

باب دخول مكة وغيره

221- عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح، وعلى رأسِه المِغْفَرُ، فلما نزعه، جاءه رجل، فقال : ابنُ خَطَلٍ متعلق بأستار الكعبة، فقال : "اقتلوه" .

222- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة من كَدَاءٍ، من الـثَّـنِـيّـةِ العُلْيا التي بالـبَطْحاءِ، وخَرَجَ من الثَّنية السُّفْلى .

223- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال : دخلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم البيتَ، وأسامةُ بنُ زيدٍ وبلالٌ وعثمانُ بنُ طلحةَ، فأغلقوا عليهم الباب ، فلما فتحو الباب، كنتُ أوّلَ مَنْ وَلَجَ، فلَقيِت بلالاً، فسألتُه : هل صلى فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم، بين العمودَيْن اليمانِـيَـيْن .

224- عن عمر رضي الله عنه، أنه جاء إلى الحجر الأسود فَقَبَّلَهُ، وقال : إني لأعلم أنك حَجَرٌ، لا تَضَرُّ ولا تَنْفَعُ، ولولا أني رأيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ ما قَبَّلْتُك .

225- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال : قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه مكة، فقال المشركون : إنه يَقْدَمُ عليكم قومٌ قد وَهَنَتهُمْ حُمّى يثرب، فأمرَهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يَرْمُلوا الأشواطَ الثلاثَةَ، وأن يمشوا ما بين الركنين، ولم يمنَعْهُمْ أن يَرْمُلوا الأشواط كلَّها إلا الإبقاءُ عليهم .

226- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يَقْدَمُ مكةَ، إذا استلم الركنَ الأسودَ ـ أوّلَ ما يطوف ـ يَخـُبُّ ثلاثَةَ أشواطٍ .

227- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال : طافَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوداع على بعير، يَسْتَلمُ الرُّكنَ بمِحْجَن .

المحجن : عصا مَحْنِيَّةُ الرَّأْسِ .

228- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال : لم أرَ النبي صلى الله عليه وسلم يستلمُ من البيت، إلا الركنين اليمانِيَيْنِ .

باب التمتع

229- عن أبي جَمْرَةَ ـ نَصْرِ بنِ عِمْرانَ الضُّبَعيِّ ـ قال : سألتُ ابنَ عباس عن المتعة ؟ فأمرني بها، وسألته عن الهديِ ؟ فقال : فيه جزور، أو بقرةٌ، أو شاةٌ، أو شِرْكٌ في دَمٍ، قال : وكأنّ ناساً كرهوها، فنمت، فرأيتُ في المنام، وكأن إنساناً ينادي : حج مبرور، ومُتْعَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، فأتيتُ ابنَ عباس رضي الله عنهما فحدثْتُهُ، فقال : الله أكبر، سنةُ أبي القاسِمِ صلى الله عليه وسلم .

230- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال : تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأَهْدَى، فساق معه الهديَ من ذي الحليفة، وبَدَأَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأَهَلَّ بالعمرة، ثم أَهَلّ بالحج، فتمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة إلى الحج، فكان مِنَ الناس مَنْ أَهْدَى، فساق الهَدْيَ من ذي الحليفة، ومنهم من لم يُهْدِ، فلما قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مكة، قال للناس : "من كان منكم أهدى، فإنه لا يَحِلُّ من شيء حَرُمَ منه، حتى يَقْضِيَ حجه، ومن لم يكن منكم أهدى فلْيَطف بالبيت، وبالصفا والمروة، ولْيُقَصِّر ولْيَحْلِل، ثم لْيُهِلَّ بالحج ولْيُهْدِ، فمن لم يجد هدياً، فلْيصم ثلاثة أيام في الحجِّ وسبعةً إذا رجع إلى أهله"، فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قَدِمَ مكةَ، واستلم الركن أوّلَ شيء، ثم خَبَّ ثلاثةَ أطوافٍ من السَّبْعِ، ومشى أربعةً، وركع حين قضى طوافَهُ بالبيتِ عند الـمَقام ركعتين، ثم سلم فانصرف، فأتى الصفا، فطاف بين الصفا والمروةِ سبعةَ أطواف، ثم لم يَحْلِلْ من شيء حرم منه حتى قضى حجه، ونحر هَدْيَهُ يومَ النحرِ، وأفاض فطاف بالبيت، ثم حَلَّ من كلِّ شيء حَرُمَ منه، وفعلَ ما فعلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، مَنْ أهدى وساق الهديَ مِنَ الناسِ .

231- عن حفصةَ زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت : يا رسول الله ما شأنُ الناسِ حَلُّوا من العمرةِ، ولم تَحِلَّ أنت من عمرتك، فقال : "إني لَبَّدْتُ رأسي، وقَلَّدْتُ هَدْيي، فلا أَحِلُّ حتى أَنْحَر" .

232- عن عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، قال : أُنْزِلَتْ آيةُ المتعةِ في كتاب الله، ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يَنْزِلْ قرآنٌ بُحرْمَتِها، ولم يَنْهَ عنها حتى مات، قال رجلٌ برأيه ما شاء .

قال البخاري : يقال : إنه عمرُ .

ولمسلم : نزلت آيةُ المتعةِ ـ يعني : مُتْعَةَ الحجِّ ـ وأَمَرَنا بها رسول الله
صلى الله عليه وسلم، ثم لم تَنْزل آيةٌ تَنْسَخُ آيةَ متعةِ الحجِّ، ولم يَنْهَ عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات، ولهما بمعناه .

باب الهدي

233- عن عائشة رضي الله عنها، قالت : فَتَلْتُ قلائد هَدْيِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم أَشْعَرَها، وقَلَّدَها ـ أو قَلَّدْتُها ـ ثم بعث بها إلى البيت، وأقام بالمدينة، فما حَرُمَ عليه شيءٌ كان له حِلّاً .

234- عن عائشة رضي الله عنها، قالت : أَهدى النبيُّ صلى الله عليه وسلم مرةً غنماً .

235- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يَسُوق بَدَنَةً، فقال : "اركبها" قال : إنها بَدَنَة، قال : "اركبها" فَرَأَيْتُه راكِبَها يُسايِرُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، والنعل في عنقها .

وفي لفظ : قال ـ في الثانية أو الثالثة ـ : "اركبها ويلك، أو ويحك" .

236- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال : أمرني النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن أقومَ على بُدْنِهِ، وأن أتصدق بلحمِها، وجلودِها، وأجـِلـَّتِها، وأن لا أُعْطِيَ الجزار منها شيئاً، وقال : "نحن نعطيه من عندنا" .

237- عن زياد بن جُبير، قال : رأيتُ ابنَ عمرَ قد أتى على رجلٍ قد أناخ بَدَنَتَهُ ينحرُها، فقال : ابعثها قِياماً مُقَيّدَةً، سُنَّةَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم .

باب الغُسْل للمُحْرِم

238- عن عبد الله بن حُنَيْن، أن عبدَ اللهِ بنَ عباسٍ رضي الله عنهما والمِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ رضي الله عنه، اختلفا بالأَبْوَاءِ، فقال ابن عباس : يَغْسِلُ المُحْرمُ رأسَه، وقال المسور : لا يغسل المحرم رأسَه، قال : فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، فوجدتُه يغتسل بين القَرْنَيْنِ، وهو يستتر بثوب، فسلمتُ عليه، فقال : من هذا، فقلت :
أنا عبدُ الله بن حُنين، أرسلَني إليك ابنُ عباس، يسألُك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رأسَه وهو مُحْرِم ؟ فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطَأْطَأْهُ حتى بدا لي رأسُهُ، ثم قال لإنسان يصب عليه الماء : اصبُبْ، فصب على رأسِه، ثم حَرّكَ رأسَه بيديْهِ، فأقبل بهما وأدبر، ثم قال : هكذا رأيْتُه صلى الله عليه وسلم يفعلُ .

وفي رواية : فقال المِسْوَرُ لابن عباس : لا أماريك بعدها أبداً .

باب فَسْخُ الحجِّ إلى العمرة

239- عن جابرٍ رضي الله عنه، قال : أَهَلّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه بالحجِ وليس مع أحدٍ منهم هديٌ غيرَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وطلحةَ، وقَدِمَ عليٌ من اليمنِ فقال : أهللتُ بما أَهَلّ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأمرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه أن يجعلوها عمرةً، فيَطُوفوا ثم يُقَصّروا ويُحِلّوا، إلا من كان معه الهدي، فقالوا : نَنْطلق إلى منىً، وذَكَرُ أَحَدِنا يَقْطُرُ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : "لو استقبلت من أمري ما استدبرتُ ما أهديتُ، ولولا أنَّ معيَ الهديَ لأحللتُ" وحاضت عائشةُ، فَنَسَكَتِ المناسك كلَّها غيرَ أنها لم تَطُفْ بالبيت، فلما طَهُرَتْ طافت بالبيت، قالت : يا رسولَ اللهِ، تنطلقون بحج وعمرة، وأنطلق بحج، فأمرَ عبدَ الرحمن بنَ أبي بكر، أن يخرج معها إلى التَّـنْعِيمِ، فاعتمرت بعد الحج .

240- عن جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما، قال قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نقول : لبيك بالحج، فأَمَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلناها عُمْرَةً .

241- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال : قدم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه صبيحةَ رابعةٍ من ذي الحجة مُهِلِّين بالحج، فَأَمَرَهُمْ أن يجعلوها عُمْرَةً، فقالوا : يا رسولَ الله، أيُّ الحِلِّ، قال : "الحِلّ كُلُّهُ" .

242- عن عروة بن الزبير رضي الله عنهما، قال : سُئِل أسامةُ بنُ زيدٍ ـ وأنا جالس ـ كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في حجة الوداع حين دَفَعَ، قال : كان يسير العـَنَقَ، فإذا وجد فجوةً نَصَّ .

العَنَقُ : انْبِساطُ السَّيْرِ، والنَّصُّ : فوقَ ذلك .

243- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى عليه وسلم وقف في حجة الوداع، فجعلوا يسألونه، فقال رجل : لم أَشْعُر فحلقت قبل أن أَذْبَحَ، قال : "اذبح ولا حرج" فجاء آخر فقال : لم أشعر فنحرت قبل أن أرمِـيَ، فقال : "ارم ولا حرج" فما سُئِل يومئذ عن شيء قُدِّمَ ولا أُخِّرَ، إلا قال : "افعل ولا حَرَجَ" .

244- عن عبدِ الرحمن بن يزيدَ النَّخَعِيِّ، أنه حج مع ابن مسعود رضي الله عنه، فرآه يرمي الجمرة الكبرى بسبع حصيات، فجعل البيت عن يساره، ومنىً عن يمينه، ثم قال : هذا مَقامُ الذي أنزلت عليه سورة البَقَرَةِ صلى الله عليه وسلم .

245- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اللهم ارحم المحلقين" قالوا : والمقصرين يا رسول الله، قال : "اللهم ارحم المحلقين" قالوا : والمقصرين يا رسول الله ، قال : "والمقصرين" .

246- عن عائشة رضي الله عنها، قالت حججنا مع النبي صلى الله عليه، فأفضنا يوم النحر، فحاضت صفيةُ، فأراد النبيُّ صلى الله عليه وسلم منها ما يريدُ الرجلُ من أهلِه، فقلتُ : يا رسولَ الله إنها حائضٌ، فقال : "أحابِسَتُنا هي" قالوا : يا رسول الله إنها قد أفاضت يوم النحر، قال : "اخْرُجُوا" .

وفي لفظ : قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : "عَقْرَى حَلْقَى، أطافت يوم النحر" قيل : نعم، قال : "فانفِرِي" .

247- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال : أُمِرَ الناس أن يكون آخر عَهْدِهِمْ بالبيت، إلا أنه خُفِّفَ عن المرأةِ الحائضِ .

248- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال : استأذن العباسُ بنُ عبدِ المطلب، رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يـبيت بمكة ليالِـيَ منىً، من أجل سقايَتِهِ، فأَذِنَ لَهُ .

249- وعنه رضي الله عنهما، قال : جَمَعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بجَمْعٍ، كلَّ واحدة منهما بإقامة، ولم يُسَبِّح بينهما، ولا على إثْرِ واحدةٍ منهما .

باب المحرم يأكل من صيد الحلال

250- عن أبي قَتَادَةَ الأنصاريِّ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجاً، فخرجوا معه، فَصَرَفَ طائفةً منهم ـ فيهم أبو قَتَادَةَ ـ وقال : "خذوا ساحِلَ البحرِ، حتى نلتقي" فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا أحرموا كلُّهُم، إلا أبا قتادةَ لم يُحْرم، فبينما هم يسيرون إذ رأَوا حُمُر وحْش، فَحَمَل أبو قَتَادَةَ على الحُمُر، فعقر منها أتَانَاً، فنزلنا فأكلنا من لحمِها، ثم قلنا : أنأكلُ لحمَ صَيْدٍ، ونحن محرمون ؟ فَحَمَلْنا ما بَقِيَ من لحِمها، فأَدْرَكْنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه عن ذلك، قال : "منكم أحدٌ أَمَرَهُ أن يَحْمِلَ عليها، أو أشار إليها" ؟ قالوا : لا، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "فكلوا ما بَقِـيَ من لحـمِها" .

وفي رواية : "هل معكم منه شيء ؟ فقلت : نعم، فناوَلْتُه العَضُدَ، فأَكَلَها .

251- عن الصَّعْب بن جَثّامَةَ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه، أنه أهدى إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم حماراً وَحْشِيّاً، وهو بالأبْواءِ ـ أو بوَدَّانَ ـ فرَدَّه عليه، فلما رأى ما في وجهه، قال : "إنا لم نَـرُدَّهُ عليك إلا أنّا حُرُمٌ" .

وفي لفظ لمسلم : رِجْلَ حمار . وفي لفظ : شِقَّ حمار . وفي لفظ : عَجُزَ حمار .

وجه هذا الحديث أنه ظَنَّ أَنَّهُ صِيدَ لِأَجْلِهِ، والمحرم لا يأكل ما صيد لأجله .

كتابُ البيوعِ

252- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إذا تبايع الرجلان، فكلُّ واحدٍ منهما بالخِيارِ، ما لم يتفرقا، وكانا جميعاً، أو يُخَيِّرُ أحدُهُما الآخرَ، فإنْ خَيّر أحدُهما الآخرَ، فتبايعا على ذلك، فقد وَجَبَ البَيْعُ، وإن تفرقا بعدَ أن تبايعا ولم يترك واحدٌ منهما البيعَ فقد وَجَبَ البَيْعُ" .

253- وما في معناه من حديث حَكِيمِ بنِ حِزام رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "البَيِّعانِ بالخِيَارِ ما لم يَتَفَرَّقا ـ أو قال حتى يَـتَـفَـرَّقا ـ فإن صَدَقا وبَيَّنا بوركَ لهما في بَـيْعِهِما، وإن كتما وكَذَبا مُحِقَتْ بَرَكَـةُ بـيـعِهما" .

باب ما نُهِيَ عنه من البيوعِ

254- عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن المنابذة ـ وهي طَرْحُ الرجُلِ ثوبَهُ بالبيعِ إلى الرجلِ قبلَ أن يُقَلِّبَهُ، أو يَنْظُر إليه ـ ونهى عن الـمُلامَسَةِ، والـمُلامسةُ لَمْسُ الرجلِ الثوبَ لا ينظرُ إليه .

255- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا تَلَقَّوُا الرُّكْبان، ولا يَـبِعْ بعضُكُم على بيعِ بعضٍ، ولا تَناجَشُوا، ولا يَـبِعْ حاضرٌ لبادٍ، ولا تـُصَرُّوا (1) الإبلَ والغنمَ، ومن ابْـتاعَها فهو بخيرِ النَّظَرَيْنِ، بعد أن يَحْلُبَها، إنْ رَضِيَها أمسكَها، وإن سَخِطَها ردَّها وصاعاً من تمرٍ" .

وفي لفظ : "هو بالخِيارِ ثلاثاً" .

256- وعن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعِ حَبَلِ الحَبَلَةِ، وكان بيعا يتبايَـعُه أهلُ الجاهليةِ، كان الرجلُ يَبْتاع الجزور إلى أن تُنْتَجَ الناقةُ، ثم تُنْتَجَ التي في بطنِـها .

قيل : إنه كان يبيع الشارِفَ ـ وهي الكبيرةُ الـمُسِنَّةُ ـ بِنَتاجِ الجنينِ الذي في بطنِ ناقَتِهِ .

257- وعنه رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعِ الثمرةِ حتى يَبْدُوَ صلاحُها، نهى البائِعَ والـمُبْتاعَ .

258- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعِ الثمارِ حتى تُزْهِي، قيل وما تُزْهِي ؟ قال : حتى تَحْمَرَّ، قال : "أرأيتَ إذا منعَ اللهُ الثمرةَ، بم يَسْتَحِلُّ أحدُكُم مالَ أخيهِ" .

259- وعن عبدِ الله بنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن تُـتَلَقّى الرُّكْبانُ، وأن يبيع حاضرٌ لبادٍ، قال : فقلتُ لابنِ عباسٍ : "ما قولُهُ حاضرٌ لبَادٍ ؟ قال : لا يكونُ له سِمْساراً .

260- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، قال : نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الـمُزابَنَةِ : أنْ يبيعَ ثَمَرَ حائِطِهِ، إن كان نخلاً : بتمرٍ كيلاً، وإن كَرْماً، أن يبيعَهُ بِزَبيب كَيْلاً، وإن كان زرعاً أن يبيعَهُ بكَيْلٍ طعامٍ، نهى عن ذلك كُلِّهِ .

261- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رضي الله عنهما، قال : نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الـمُخابَرَةِ والـمُحاقَلَةِ، وعن الـمُزابَنَةِ، وعن بيعِ الثمرةِ حتى يبدُوَ صلاحُها، وأن لا تُباع إلا بالدينارِ والدِّرْهَمِ، إلا العَرايا .

المحاقلة : بيعُ الحِنْطَةِ في سُنْبُلِها بحنطةٍ .

262- عن أبي مسعودٍ الأنصاريِّ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمنِ الكلبِ، ومَهْـرِ البَـغِـيِّ، وحُلْوانِ الكاهِنِ .

263- عن رافعِ بنِ خَدِيج رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "ثمنُ الكلبِ خبيثٌ، ومَهْـرُ البَغِـيّ خبيثٌ، وَكَسْبُ الـحَجَّامِ خبيثٌ" .

باب العرايا وغير ذلك

264- عن زيدِ بنِ ثابتٍ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لصاحب العَرِيَّةِ أنْ يَبِيعَها بِخَرْصِها .

ولمسلم : بِخَرْصِها تمراً، يأكلونَها رُطَباً .

265- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، رَخَّصَ في بيعِ العرايا في خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أو دون خَمْسَةِ أَوْسُقٍ .

266- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال : "من باع نخلاً قد أُبِّـرَتْ فثمرتُها للبائِعِ، إلا أن يَشْتَرِطَ المـُبْتاع" .

ولمسلم : "من ابتاع عبداً فمالُه للذي باعَهُ، إلا أن يشترطَ المُبْتاعُ" .

267- وعنه رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "من ابْتَاع طعاماً فلا يَبِعْهُ حتى يَسْتَوْفِيَهُ" .

وفي لفظ : "حتى يَقْبِضَهُ" وعن ابن عباس مثلُهُ .

268- وعن جابرِ بنِ عبدِ الله رضي الله عنه، أنه سمعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ وهو بمكةَ عامَ الفتحِ : "إنَّ اللهَ ورسولَه حَرَّمَ بيعَ الخمرِ، والميتةِ، والخنزيرِ، والأصنامِ" فقيل : يا رسولَ الله، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الميتَةِ فإنَّهُ يُطْلَى بها السُّفُنُ ويُدْهَنُ بها الجلودُ، ويَسْتَصْبِحُ بها الناسُ ؟ فقال : "لا، هو حرامٌ" ثم قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : "قاتلَ الله اليهودَ، إنَّ اللهَ لـمّـا حَرّم عليهم شحومَها جَمَلُوه، ثم باعوه فأكلوا ثَمَنَهُ" .

جملوه : أي أذابوه .

باب السَّلَم

269ـ عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال : قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينةَ، وهم يُسْلِفُون في الثمارِ السنةَ والسنتين والثلاثَ، فقال : "من أَسْلَفَ في شيءٍ، فَلْيُسْلِف في كَيْلٍ معلومٍ، ووزنٍ معلومٍ، إلى أجلٍ معلومٍ" .

باب الشروط في البيع

270- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالتْ : جاءتني بريرةُ، فقالت : كاتَبْتُ أهلي على تسعِ أَواقٍ، في كلِّ عام أُوقِيّةٌ، فأعينيني، فقلتُ : إنْ أحبَّ أهلُكِ أن أَعُدَّها لهم، ويكونَ ولاؤُكِ لي فعلتُ، فذهبتْ بريرةُ إلى أهلها، فقالت : لهم، فأَبَوْا عليها، فجاءت من عندِهم، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ، فقالت : إني عرضت ذلك عليهم، فأبوا إلا أن يكون لهمُ الولاءُ، فسمعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأَخْبَرَتْ عائشةُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال : "خُذِيها واشترطي لهم الولاءَ، فإنما الولاءُ لمن أَعْتَقَ" ففعلتْ عائشةُ، ثم قامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الناسِ، فَحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال : "أما بعدُ، فما بالُ رجالٍ يشترطون شروطاً ليست في كتابِ اللهِ ؟ ما كان من شرطٍ ليس في كتابِ اللهِ فهو باطلٌ، وإن كان مِائَةَ شَرْطٍ، قضاءُ الله أحقُّ، وشَرْطُ الله أَوْثَقُ، وإنما الولاءُ لمن أَعْتَقَ" .

271- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رضي الله عنهما، أنه كان يسيرُ على جَمَلٍ له فَأَعْيَا، فأراد أن يُسَيِّبَهُ، قال : فَلَحِقَني النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فدعا لي وضربه فسار سيراً لم يَسِرْ مثْلَه قَطُّ، ثم قال : "بِعْنِيهِ بأُوقِيَّةٍ" قلتُ : لا، ثم قال : "بعنيهِ" فبِعْتُهُ بأوقِيَّةٍ، واسْتَثْنَيْتُ حُـمْلانَه إلى أهلي، فلما بلغتُ أَتَيْتُهُ بالجملِ، فنَقَدَني ثمنَه، ثم رجعتُ فأرسلَ في إِثْرِي (1)، فقال : "أَتُراني ما كَسْتُكَ لآخذَ جملك، خذ جَمَلَك ودارهِمَكَ، فَهُوَ لك" .

272- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : نَهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضرٌ لبادٍ، ولا تَناجَشوا، ولا يَـبِعْ الرَّجُلُ على بَيْعِ أَخيه، ولا يخطُبْ (1) على خِطْبَةِ أخيه، ولا تسألِ المرأةُ طلاقَ أختِها لِتَكْفأَ ما في إنائِها .

باب الربا والصرف

273- عن عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "الذهبُ بالذهبِ ربا، إلا هاءَ وهاءَ، والفضةُ بالفضةِ رباً، إلا هاءَ وهاءَ، والبرُّ بالبرِّ رباً، إلا هاءَ وهاءَ، والشعيرُ بالشعيرِ ربا، إلا هاءَ وهاءَ" .

274- وعن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا تبيعوا الذهبَ بالذهبِ إلا مثلاً بمثلٍ، ولا تـُشِفّوا بعضَها على بعض، ولا تبيعوا الوَرقَ بالوَرِقِ إلا مثلاً بمثلٍ، ولا تُشِفّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائباً بناجِزٍ" .

وفي لفظ : "إلا يداً بيدٍ" .

وفي لفظ : "إلا وزناً بوزنٍ، مثلاً بمثلٍ، سواءً بسواءٍ" .

275- عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قال : جاء بلالٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم بتمرٍ بَرْنِيٍّ، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم : "من أين هذا" ؟ قال بلالٌ : كان عندي تمرٌ رَديءٌ، فبعت منه صاعينِ بصاعٍ ليَطْعَمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم عند ذلك : "أَوَّه، أَوَّه ! عين الربا، لا تفعلْ، ولكن إذا أردتَ أن تشتريَ فبِع التمرَ بـِبـَيْـعٍ آخرَ، ثم اشتَرِ به" .

276- عن أبي المِنْهالِ، قال : سألتُ البراءَ بنَ عازبٍ، وزيدَ بنَ أَرْقَمَ رضي الله عنهما عن الصَّرْفِ، فكلُّ واحدٍ منهما يقولُ : هذا خيرٌ مِنّي، وكلاهما يقولُ : نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهبِ بالوَرِقِ دَيْناً .

277- عن أبي بَكْرَةَ رضي الله عنه، قال : نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الفضةِ بالفضةِ، والذهبِ بالذهبِ، إلا سواءَ بسواءٍ، وَأَمَرَنا أن نشتريَ الفضةَ بالذهبِ، كيف شِئْنا، ونشتريَ الذهبَ بالفضةِ، كيف شِئْنا، قال : فسأَلَهُ رجلٌ، فقال : يداً بيد ؟ فقال : هكذا سمعتُ .

باب الرهن وغيره

278- عن عائشةَ رضي الله عنها، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهوديٍّ طعاماً، وَرَهَنَهُ دِرْعاً من حديدٍ .

279- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، وإذا أُتْبِعَ أحدُكم على مَلِيءٍ (1) فَلْيَتْبَع" .

280- وعنه قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ـ أو قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ ـ : "من أدرك مالَه بعينِه عند رجلٍ ـ أو إنسانٍ ـ قد أفلسَ، فهو أحقُّ به من غيرِه" .

281- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رضي الله عنهما، قال : جَعَلَ ـ وفي لفظ : قَضَى ـ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالشُّفْعَةِ في كُلِّ مالٍ لمْ يُقْسَمْ، فإذا وَقَعَتِ الحُدُودُ، وصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فلا شُفْعَةَ .

282- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، قال : أصابَ عمرُ أرضاً بِخَيْبَرَ، فأَتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْمِرْهُ فيها، فقال : يا رسولَ الله، إني أصبتُ أرضاً بِخَيْبَرَ لم أُصِبْ مالاً قَطُّ هو أنفسُ عندي منه، فما تأمرني به ؟ قال : "إن شئتَ حَبَسْتَ أصلَها وتصدقتَ بها" قال : فتصدقَ بها عمرُ، غيرَ أَنَّهُ لا يباعُ أصلُها، ولا يُورَثُ، ولا يُوهَبُ، قال : فتصدقَ بها عمر في الفقراءِ، وفي القُرْبَى، وفي الرقابِ، وفي سبيلِ اللهِ، وابنِ السبيلِ، والضيفِ، لا جناحَ على من وَلِيَها، أن يأكلَ منها بالمعروف، أو يُطْعِمَ صديقاً، غيرَ مُتَمَوَّلٍ فيه .

وفي لفظ : غيرَ مُتَأَثَّلٍ .

283- عن عمرَ رضي الله عنه، قال : حَمَلتُ على فرسٍ في سبيلِ اللهِ فأضاعَهُ الذي كان عنده، فأردتُ أن أشتَرِيَهُ، وظننتُ أنه يبيعُه بِرُخْصٍ، فسألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال : "لا تشتَرِهِ، ولا تَعُدْ في صدقتِكَ، وإن أعطاكَهُ بدرهمٍ، فإنَّ العائدَ في هبتِهِ، كالعائدِ في قَيْئِهِ" .

284- وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "العائدُ في هِبَتِهِ، كالعائِدِ في قَيْئِهِ" .

وفي لفظ : "فإنَّ الذي يعودُ في صدقتِهِ، كالكلبِ يَقِيءُ ثم يعودُ في قَيْئِهِ" .

285- وعن النُّعْمانِ بن بشيرٍ رضي الله عنهما، قال : تَصَدَّقَ عَلَيَّ أبي ببعضِ مالِهِ، فقالتْ أمي عَمْرَةُ بنتُ رواحةَ : لا أرضى حتى تُشْهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق أبي إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ليُشْهِدَهُ على صَدَقَتي، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "أَفَعَلْتَ هذا بولدك كُلِّهِم " قال : لا، قال : "اتـقوا الله، واعدِلوا في أولادِكُم" فرجع أبي، فَرَدّ تلك الصَّدَقَةَ .

وفي لفظ قال : "فلا تشهدني إذاً، فإني لا أَشْهَدُ على جَوْرٍ" .

وفي لفظ : "فأشْهِد على هذا غَيْري" .

286- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عامَلَ أهلَ خيبرَ، على شَطْرِ ما يَخْرُجُ منها، من ثمرٍ أو زرعٍ .

287- عن رافعِ بنِ خَدِيج رضي الله عنه، قال : كنا أكثَر الأنصارِ حَقْلاً، قال : وكنا نُكْرِيَ الأرضَ على أنَّ لنا هذه، ولهم هذه، فربما أَخْرَجَتْ هذه ولم تُخرج هذه، فنهانا عن ذلك، وأما الوَرِق فلم يَنْهَنا .

288- ولمسلم عن حَنْظَلَةَ بنِ قَيْسٍ : قال : سألتُ رافعَ بنَ خَدِيجٍ عن كِـرَاءِ الأرضِ بالذهبِ والوَرِقِ، فقال : لا بأسَ به، إنما كان الناسُ يُؤاجِرون على عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بما على المَاذِيانات، وأَقْبال الجداولِ، وأشياءَ من الزرعِ، فَـيَهلِك هذا، ويَسْلَم هذا، ويسلَم هذا، ويهلِك هذا، ولم يكن للناسِ كِرَاءٌ إلا هذا، فلذلك زَجَرَ عنه، فأما شيءٌ معلومٌ مضمونٌ، فلا بأسَ به .

الماذيانات : الأنهار الكبار، والجدول : النهر الصغير .

289- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رضي الله عنهما، قال : قَضَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالعُمْرَى لمن وُهِبَتْ لَهُ .

وفي لفظ : "من أُعْمِرَ عُمْرَى له ولِعَقِبِه، فإنها للذي أُعْطِيَها، لا ترجع للذي أَعْطَاها، لأنه أعطى عطاءً وقعتْ فيه المواريثُ" .

وقال جابرٌ : إنما العُمْرى التي أجازها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، أن يقولَ : هي لك ولِعَقِبِكَ، فأما إذا قال : هي لك ما عِشْتَ، فإنها ترجع إلى صاحبِـها .

وفي لفظ لمسلمٍ : أمسكوا عليكم أموالَكم، ولا تفسدوها، فإنه من أَعْمَرَ عُمْرَى فهي للذي أُعْمِرَها حياً وميتاً، وَلِعَقِبِهِ .

290- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا يمنعنَّ جارٌ جارَه، أن يَغْرِزَ خَشَبَه في جدارِه" ثم يقول أبو هريرة : ما لي أراكم عنها معرضين، واللهِ لأَرْمِيَنّ بها بين أكتافِكُم .

291- عن عائشة رضي الله عنها، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "من ظلم من الأرض قِيدَ شبرٍ، طُوِّقَهُ من سبعِ أَرَضِينَ" .






باب اللُّقَطَة (1)

292- عن زيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنِـيِّ رضي الله عنه، قال : سُئِل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن لُقَطَةِ الذهبِ، أو الوَرِقِ، فقال : "اعْرِفْ وِكَاءَها وعِفَاصَها، ثم عَرِّفْها سنةً، فإن لم تُعْرَفْ فاستَنْفِقْها، ولْتكن وديعةً عندك، فإن جاء طالبُها يوماً من الدهرِ، فأَدِّها إليه" وسَأَلَه عن ضالة الإبلِ، فقال : "مالَكَ ولها ؟ دعها فإنَّ مَعَها حِذاءَها وسِقاءَها، تَرِدُ الماء، وتأكلُ الشجرَ، حتى يجدَها ربُّها" وسَأَلَه عن الشاةِ، فقال : "خُذْها، فإنما هِيَ لك، أو لأخيك، أو للذئبِ" .

كتاب الوصايا

293- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "ما حَقُّ امرئٍ مسلمٍ، له شيءٌ يوصي فيه، يبيتُ ليلةً أو ليلتين، إلا ووصيتُهُ مكتوبةٌ عندَه" زاد مسلم، قال ابنُ عمرَ : فواللهِ ما مَرَّتْ عليَّ ليلةٌ منذ سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ ذلك، إلا ووصيَّتي عندي .

294- عن سعدِ بنِ أبي وقاصٍ رضي الله عنه، قال : جاءني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعودُني عام حَجَّةِ الوداعِ، من وَجَعٍ اشتدَّ بي، فقلتُ : يا رسولَ الله، قد بلغَ بي من الوجعِ ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثُني إلا ابنةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بثلثَيْ مالي ؟ قال : "لا" قلتُ : فالشطرُ، يا رسولَ الله ؟ قال : "لا" قلتُ : فالثلُثُ ؟ قال : "الثلُثُ، والثلُثُ كثيرٌ، إنك إنْ تَذَرْ ورثـتَك أغنياءَ، خيرٌ من أن تَذَرَهم عالَةً يتكففون الناسَ، وإنك لن تُنْفِقَ نفقةً تبتغي بها وجهَ اللهِ إلا أُجِرْتَ بها، حتى ما تجعلُ في فِيِّ امرأتِك، قال : فقلتُ : يا رسولَ الله، أُخَلَّفُ بعد أصحابي، قال : "إنك لن تُخلَّفَ فتعملَ عملاً تبتغي به وجهَ اللهِ، إلا ازددت به درجةً ورفعةً، ولَعَلَّكَ أن تُخَلَّفَ حتى ينتفعَ بك أقوامٌ، ويُضّرَّ بك آخرون، اللهم أَمْضِ لأصحابي هجرتَهُمُ، ولا تردهم على أعقباهم، لكنِ البائِسُ سعدُ بنُ خَوْلَةَ، يَرثِي له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن ماتَ بمكةَ" .

295- عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال : لو أنَّ الناسَ غَضُّوا من الثلُثِ إلى الرُّبُعِ، فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "الثلُثُ، والثلُثُ كثيرٌ" .

كتاب الفرائض

296- عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : "أَلْحِقُوا الفرائضَ بأهلها، فما بقيَ فهو لأَوْلَى رجلٍ ذكرٍ" .

وفي رواية : "اقْسِمُوا المالَ بين أهلِ الفرائضِ على كتابِ اللهِ، فما تركتِ الفرائضُ، فلأَوْلَى رجلٍ ذكرٍ" .

297- عن أسامةَ بنِ زيدٍ رضي الله عنهما، قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ، أَتَنْزِلُ غداً في دارك بمكةَ ؟ قال : "وهل تركَ لنا عَقِيلٌ من رِبَاعٍ، أو دورٍ"، ثم قال : "لا يرث المسلمُ الكافرَ، ولا الكافرُ المسلمَ" .

298- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعِ الوَلاءِ وَهِبَتِهِ .

299- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالتْ : كان في بريرةَ ثلاثُ سُنَنْ، خُيِّرَتْ على زوجِـها حين عَتَقَتْ، وأُهدِيَ لها لحمٌ، فدخلَ عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، والبُرْمَةُ على النارِ، فدعا بطعام، فأُتِيَ بخبز وأُدْمٍ من أُدْمِ البيتِ، فقال : "ألم أَرَ البُرْمَة على النار فيها لحمٌ" ؟ فقالوا : بلى يا رسولَ الله، ذلك لحمٌ تُصُدِّقَ به على بَرِيرَةَ، فكرهنا أن نُطعمَكَ منه، فقال : "هو عليها صدقةٌ، وهُوَ لنا منها هَدِيَّةٌ" وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيها : "إنما الولاءُ لمن أَعْتَقَ" .








كتاب النكاح

300- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "يا معشرَ الشبابِ من استطاعَ منكُمُ البَاءَةَ فَلْيتزوجْ، فإنه أَغَضُّ للبصرِ، وأَحْصَنُ للفرجِ، ومن لم يستطعْ فعليه بالصومِ، فإنه له وِجَاءٌ" .

301- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، أنَّ نَفَراً من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، سألوا أزواجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عن عملِهِ في السرِّ، فقال بعضُهُم : لا أتزوجُ النساءَ، وقال بعضهم : لا آكلُ اللحمَ، وقال بعضهم : لا أنامُ على فراشٍ، فبلغَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذلك، فحمدَ اللهَ، وأثنى عليه، وقال : "ما بالُ أقوامٍ قالوا كذا وكذا ؟ لكني أُصَلي وأنامُ، وأَصومُ وأفطرُ، وأتزوجُ النساءَ، فمن رَغِبَ عن سنتي فليس مني" .

302- عن سعدِ بنِ أبي وقاصٍ رضي الله عنه، قال : رَدَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على عثمانَ بنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، ولو أذن له لاخْتَصَيْنا .

التبتل : ترك النكاح، ومنه قيلَ لمريمَ عليها السلام : البتول .

303- عن أمِّ حبيبةَ بنتِ أبي سفيانَ رضي الله عنهما، أنها قالت يا رسولَ اللهِ انكِحْ أختي ابنةَ أبي سفيانَ، فقال : "أَوَ تُحِبين ذلك" فقلتُ : نعم، لستُ لك بِـمُخْلِيَةٍ، وأَحَبُّ من شاركـني في خيرٍ أُختي، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : "إن ذلك لا يَحِلُّ لي" قالت : فإنا نُحَدَّثُ أنك تريدُ أن تَنْكِحَ بنتَ أبي سَلَمَةَ، قال : "بنتُ أمِّ سَلَمَةَ" ! قلتُ : نعم، فقال : "إنها لو لم تكن ربيبتي في حِجْري، ما حَلَّتْ لي، إنها لَاْبْنَةُ أخي من الرضاعةِ، أرضعتني وأبا سلمةَ ثُوَيْبَةُ، فلا تَعْرِضْنَ عليّ بناتِكُنَّ ولا أخواتِكُنَّ" قال عروةُ : وثويبةُ مولاةٌ لأبي لهبٍ، كان أبو لهبٍ أعتقها، فأرضعتْ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فلما مات أبو لهبٍ أُريَهُ بعضُ أهله بِشَرِّ حِيبَةٍ، قال له : ماذا لَقِيتَ ؟ قال أبو لهبٍ : لم ألق بعدكم خيراً، غيرَ أني سُقِيتُ في هذه بعَتَاقَتي ثويبة .

الحيبة : بكسر الحاء المهملة : الحال .

304- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "لا يُجْمَعُ بين المرأةِ وعمتِها، ولا بين المرأةِ وخالتِها" .

305- عن عُقْبَةَ بنِ عامرٍ رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "إنَّ أَحَقَّ الشروطِ أن تُوفُوا به، ما اسْتَحْلَلْتُمْ به الفروجَ" .

306- عن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاحِ الشِّغَارِ .

والشغارُ : أن يُزَوِّجَ الرجلُ ابْنَتَهُ على أن يُزَوِّجَهُ الآخر ابْنَتَه، وليس بينهما صَداقٌ .

307- عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاحِ المتعةِ يومَ خَيْبَرَ، وعن لحوم الـحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ .

308- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا تُنكَحُ الأَيِّمُ حتى تُسْتَأْمَرَ، ولا تُنْكَحُ البكرُ حتى تُسْتَأْذَنَ" قالوا : يا رسولَ اللهِ، وكيف إذنُها ؟ قال : "أن تَسْكُتَ" .

309- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : جاءتْ امرأةُ رِفَاعَة القُرَظِيِّ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالت : كنتُ عند رِفَاعَةَ القرظيِّ، فطلقني، فبَتَّ طلاقي، فتزوجتُ بعده عبدَ الرحمنِ بنَ الزبير، وإنما مَعَهُ مثلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فتبسمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وقال : "أتريدين أن ترجعي إلى رِفاعَةَ ؟ لا، حتى تذوقي عُسَيْلَتَهُ، ويذوقَ عُسَيْلَتَكِ" قالت : وأبو بكر عنده، وخالدُ بنُ سعيدٍ بالبابِ ينتظرُ أن يُؤْذَنَ له، فنادى : يا أبا بكرٍ ألا تسمعُ إلى هذه، ما تجهرُ به عند رسولِ الله صلى الله عليه وسلم .

310- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، قال : من السنةِ إذا تَزَوَّج البِكْرَ على الثيبِ، أقامَ عندها سبعاً، ثم قَسَمَ، وإذا تزوج الثيبَ، أقام عندها ثلاثاً، ثم قَسَمَ، قال أبو قِلابَةَ : ولو شئتُ لقلتُ : إن أنَساً رَفَعَهُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم .

311- عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال : قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : "لو أنَّ أحدَكم إذا أراد أن يأتِـيَ أهلَه، قال : "بسمِ اللهِ، اللهم جنبنا الشيطانَ، وجَنِّبِ الشيطانَ ما رزقتَنَا، فإنه إن يُقدَّرْ بينهما ولدٌ في ذلك، لم يَضُرَّهُ الشيطانُ أبداً" .

312- عن عُقْبَةَ بنِ عامرٍ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "إياكم والدخولَ على النساءِ" فقال رجلٌ من الأنصارِ : يا رسولَ اللهِ، أفرأيتَ الـحَمْوَ ؟ قال : "الـحَمُو الموتُ" .

ولمسلمٍ عن أبي الطاهرِ، عن ابن وَهْبٍ، قال : سمعتُ الليثَ يقولُ : الـحَمُو أخو الزوجِ، وما أشبهه من أقاربِ الزوجِ، ابنِ العمِّ ونحوِهِ .

باب الصَّدَاق

313- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وجعل عِتْقَها صَدَاقَها .

314- عن سهلِ بنِ سعدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأةٌ، فقالت : إني وهبتُ نفسي لك، فقامتْ طويلاً، فقال رجلٌ : يا رسولَ الله زوِّجنيها، إن لم يكن لك بها حاجةٌ، فقال : "هل عِنْدَكَ من شيءٍ تُصدِقُها" ؟ فقال : ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "إن أَعْطَيْـتَها إزارَكَ جلسْتَ ولا إزار لك، فالتمسْ شيئا" قال : ما أَجِدُ، قال : "فالتمسْ ولو خاتماً من حديدٍ" فالتَمَسَ فلم يجدْ شيئاً، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "هل معك شيءٌ من القرآنِ" قال : نعم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "زوجْتُكَها بما معك من القرآنِ" .

315- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رأى عبدَ الرحمنِ بنَ عوفٍ وعليه رَدْعُ زَعْفَرَانٍ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : "مَهْيَمْ" ؟ فقال : يا رسولَ اللهِ، تزوجتُ امرأةً، فقال : "ما أَصْدَقْـتَها" ؟ قال : وزنَ نواةٍ من ذهبٍ، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "بارك اللهُ لك، أَوْلِمْ ولو بشاةٍ" .

كتاب الطلاق

316- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، أنه طلق امرأَتَهُ وهي حائضٌ، فَذَكَرَ ذلك عمرُ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَغَيَّظَ فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال : "لِيُراجِعْها، ثم يُمْسِكْها حتى تَطْهُرَ، ثم تحيضَ فتطهرَ، فإنْ بدا له أن يطلِّقَها فَلْيُطَلِّقْها طاهراً قبلَ أن يَمَسَّها، فتلك العِدَّةُ كما أمرَ الله عزَّ وجلَّ" .

وفي لفظ : "حتى تحيضَ حَيْضَةً أخرى مُسْتَقبَلةً، سِوَى حيضتِها التي طلقها فيها .

وفي لفظ : فَحُسِبتْ من طلاقِها، وراجَعَها عبدُ الله بنُ عمر كما أمره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم .

317- عن فاطمةَ بنتِ قيسٍ رضي الله عنها، أن أبا عَمْرِو بنَ حَفْصٍ طلقها ألبَتّةَ، وهو غائبٌ ـ وفي روايةٍ طلقها ثلاثاً ـ فأرسل إليها وكيلَه بشعيرٍ، فَسَخِطَتْهُ، فقال : والله ما لَكِ علينا من شيء، فجاءتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال : "ليس لكِ عليه نفقةٌ" ـ وفي لفظ : "ولا سُكنى" ـ فأمرها أن تعتدَّ في بيتِ أمِّ شَرِيكٍ، ثم قال : "تلك امرأةٌ يغشاها أصحابي، اعْتَدِّي عندَ ابنِ أمِّ مكتوم، فإنه رجلٌ أعمى تضعين ثيابَك، فإذا حَلَلْتِ فآذِنِيني" قالت : فلما حَلَلْتُ، ذَكَرْتُ له ذلك، وأن معاويةَ بنَ أبي سفيانَ، وأبا جَهْمٍ خَطَباني، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "أما أبو جَهْمٍ فلا يضع العصا عن عاتِقِهِ، وأما معاويةُ فَصُعلوك لا مال له، انكحي أسامة بنَ زيدٍ، فَكَرِهْتُهُ، ثم قال : "انكحي أسامة بن زيد" فَنَكَحْتُهُ، فجعل الله فيه خيراً، واغْتَبَطْتُ به .

باب العِدّة

318- عن سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ رضي الله عنها، أنها كانت تحتَ سعدِ بنِ خَوْلَةَ ـ وهو من بني عامر بن لُؤَيٍ، وكان ممن شهد بدراً ـ فَتُوفِّـيَ عنها في حَجـّةِ الوداعِ، وهي حاملٌ، فلم تَنْشَبْ أن وَضَعَتْ حَمْلَها بعد وفاتِه، فلما تَعَلَّتْ من نِفاسِها تَجَمَّلَتْ للخُطّابِ، فدخل عليها أبو السَّنابِلِ بنِ بَعْكَكٍ ـ رجل من بني عبد الدار ـ فقال لها : مالي أراكِ متجملةً ؟ لعلكِ تُرَجِّين النكاحَ، واللهِ ما أنت بناكحٍ حتى تَمُرَّ عليك أربعةُ أشهرٍ وعشرٌ، قالت سُبَيْعَةُ : فلما قال لي ذلك، جَمَعْتُ عليّ ثيابي حين أَمْسَيْتُ، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فسألتُهُ عن ذلك، فأفتاني بأني قد حَلَلْتُ حين وضعتُ حملي، وأمرني بالتَّزْويجِ إن بدا لي .

قال ابنُ شهاب : ولا أرى بأساً أن تـتزوجَ حين وضعتْ، وإن كانت في دمها، غير أنه لا يَقْرَبُها زوجُها، حتى تطهُر .

319- عن زينبَ بنتِ أمِّ سلمةَ رضي الله عنهما، قالت : تُوُفِّيَ حَمِيمٌ لأمِّ حبيبةَ، فَدَعَتْ بِصُفْرَةٍ فَمَسَحَتْ بذراعيْها، فقالت : إنما أصنع هذا : لأني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ : "لا يحلُّ لامرأة تؤمن بالله واليومِ الآخرِ، أن تُحِدّ على ميتٍ فوقَ ثلاثٍ، إلا على زوجٍ أربعةَ أشهرٍ وعشرا" .

320- عن أمِّ عطيةَ رضي الله عنها، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا تُحِدّ امرأةٌ على ميتٍ فوقَ ثلاثٍ، إلا على زوجٍ أربعةَ أشهرٍ وعشراً، ولا تَلْبَسُ ثوباً مصبوغاً إلا ثَوْبَ عَصْبٍ، ولا تكتحلُ، ولا تَمَسُّ طيباً، إلا إذا طَهُرَتْ : نُبْذَةً من قُسْطٍ أو أَظْفَار .

العَصْب : ثيابٌ من اليمنِ، فيها بياضٌ وسوادٌ .

والنبذة : الشيءُ اليسيرُ .

والقسط : العود، أو نوع من الطيب تُبَخَّرُ به النفساء .

والأظفار : جنس من الطيب لا واحد له من لفظه، وقيل : هو عطرٌ أسود، القطعة منه تشبه الظُّفُر .

321- وعن أمِّ سلمةَ رضي الله عنها، قالت : جاءتْ امرأةٌ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالت : يا رسولَ الله، إن ابنتي تُوُفِّيَ عنها زَوْجُها، وقد اشتكت عينَها، أَفَنَكْحَلُها ؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "لا ـ مرتين أو ثلاثاً، كل ذلك يقول : لا ـ ثم قال : إنما هي أربعةُ أشهرٍ وعشرٌ، وقد كانت إحداكُنَّ في الجاهليةِ تَرْمِـي بالبَعْرَةِ على رأسِ الحَوْلِ" .

فقالت زينبُ : كانتِ المرأةُ إذا توفِّـيَ عنها زوجُها، دخلتْ حِفْشاً، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثيابِـها، ولم تمسَّ طيباً ولا شيئاً حتى تمر عليها سَنَةٌ، ثم تُؤْتَى بدابّةٍ ـ حمارٍ أو طيرٍ أو شاةٍ ـ فَتَفْتَضُّ به، فقَلّما تَـفْتَضُّ بشيءٍ إلا ماتَ، ثم تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعرةً فَتَرْمي بها، ثم تُراجِعُ بعدُ ما شاءتْ من طيبٍ، أو غيرِهِ .

الـحِفْشُ : البيت الصغير الحقير .

وتفتض : تدلك به جسدها .

كتاب اللّعان

322- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، أنَّ فلانَ بنَ فلانٍ قال :
يا رسولَ اللهِ : أرأيتَ أنْ لو وجد أحدُنا امرأتَه على فاحشةٍ، كيف يصنعُ ؟ إن تكلمَ، تكلمَ بأمرٍ عظيمٍ، وإن سكتَ سَكَتَ على مثل ذلك، قال : فسكتَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم فلم يجبه، فلما كان بعد ذلك أتاه، فقال : إن الذي سألتك عنه قد ابتليتُ به، فأنزل الله عز وجل هؤلاءِ الآياتِ في سورةِ النورِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فتلاهُنّ عليه، ووعظه وذَكَّرَهُ، وأخبره أنَّ عذابَ الدنيا أهونُ من عذابِ الآخرةِ، فقال : لا والذي بعثك بالحقِّ نبياً، ما كذبتُ عليها، ثم دعاها، فوعظها، وأخبرها أنَّ عذابَ الدنيا أهونُ من عذابِ الآخرةِ، فقالت : لا والذي بعثك بالحقِّ إنه لكاذب، فبدأ بالرجلِ فَشَهِدَ أربعَ شهاداتٍ بالله إنه لمن الصادقين، والخامسةُ أن لعنةَ اللهِ عليهِ إن كان من الكاذبين، ثم ثَـنّى بالمرأةِ، فَشَهِدَتْ أربعَ شهادات بالله، إنه لمن الكاذبين، والخامسةَ أن غضبَ اللهِ عليها إن كان من الصادقين، ثم فَرَّقَ بينهما، ثم قال : "اللهُ يعلمُ أنّ أحدَكما كاذبٌ، فهل منكما تائبٌ" ؟ ثلاثاً .

وفي لفظ : "لا سبيلَ لك عليها" فقال : يا رسولَ الله مالي ؟ قال : "لا مال لك، إن كنت صدقتَ عليها، فهو بما استحللتَ من فرجها، وإن كنت كذبتَ عليها، فهو أبعدُ لك منها" .

323- وعنه رضي الله عنهما، أنَّ رجلاً رمى امرأتَه، وانْتَفَى من وَلَدِها في زمان رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأمَرَهُما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فتلاعنا، كما قال الله تعالى، ثم قَضَى بالولدِ للمرأةِ، وَفَرَّقَ بين المتلاعنيْنِ .

324- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، قال : جاءَ رجلٌ من بني فَزَارَةَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال : إنَّ امرأتي ولدت غلاماً أسودَ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : "هل لك إبلٌ" ؟ قال : نعم، قال : "فما ألوانُها" قال: حُمْرٌ، قال : "فهل فيها من أوْرَق" ؟ قال : إنَّ فيها لَوُرْقاً، قال : "فأنّى أتاها ذلك" ؟ قال : عسى أن يكون نَزَعَهُ عِرْقٌ، قال : "وهذا عسى أن يكون نَزَعَهُ عِرْقٌ" .

325- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : اختصمَ سعدُ بنُ أبي وقَّاص وعبدُ بنُ زَمْعَةَ في غلامٍ، فقال سعدٌ : يا رسولَ الله هذا ابنُ أخي عُتْبَةَ بنِ أبي وقّاص، عَهِدَ إليَّ أنه ابنُه، أنظر إلى شَبَهِهْ، وقال عبدُ بن زمعة : هذا أخي يا رسولَ اللهِ، وُلِدَ على فراشِ أبي من ولِيدَتِه، فنظرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى شَبَهِهِ، فرأى شبهاً بَـيِّناً بِعُتْبَةَ، فقال : "هو لك يا عبدُ بنُ زَمْعَةَ، الولدُ للفراشِ، وللعاهِرِ الحَجَرُ، واحتجبي منه يا سودَةُ" فلم يَرَ سودةَ قَطُّ .

326- عن عائشةَ رضي الله عنها، أنها قالت : إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دخل عليّ مسروراً، تَبْرُقُ أساريرُ وجْهِهِ، فقال : "ألم تَرَيْ أن مُجَزِّزَاً نَظَرَ آنفاً إلى زيدِ بنِ حارثـةَ وأسامةَ بنِ زيدٍ، فقال : إنَّ بعضَ هذه الأقدامِ لَمِنْ بعضٍ" .

وفي لفظ : وكان مُجَزِّزٌ قائفاً .

327- عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قال : ذُكِرَ العزلُ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال : "ولِمَ يفعلُ ذلك أحدُكم" ؟ ـ ولَمْ يقل : فلا يفعلْ ذلك أحدُكم ـ "فإنه ليْسَتْ نفسٌ مَخلوقَةٌ إلا اللهُ خالِقُها" .

327- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال : كنا نعزلُ والقرآنُ ينزلُ، قال سفيانُ : لو كان شيئاً يُنْهى عنه، لنهانا عنه القرآنُ .

328- عن أبي ذرٍ رضي الله تعالى عنه، أنه سمعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ : "ليسَ مِنْ رجلٍ ادَّعَى لغير أبيهِ ـ وهو يعلمُه ـ إلا كَفَرَ، ومن ادعى ما ليس له فليس مِنَّا، ولْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ من النارِ، ومن دعا رجلاً بالكفر، أو قال : يا عدُوَّ اللهِ، وليس كذلك إلا حارَ عليه" .

كذا عند مسلم، وللبخاري نحوه، وحار بمعنى رجع .

كتاب الرَّضَاع

329- عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في بنتِ حمزةَ : "لا تَحِلُّ لي، يَحْرُمُ من الرَّضاعِ ما يَحْرُمُ من النسبِ، وَهِيَ ابنةُ أخي من الرضاعةِ" .

330- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "إنَّ الرضاعةَ تُحَرِّمُ ما يَحْرُمُ مِنَ الوِلادةِ" .

331- وعنها، قالت : إنَّ أَفْلَحَ ـ أخا أبي القُعَيْسِ ـ اسْتَأْذَنَ عَلَيّ بعد ما أُنزِلَ الحجابُ، فقلتُ : واللهِ لا آذَنُ له، حتى أَستأذِنَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فإنَّ أخا أبي القُعَيْسِ، ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأةُ أبي القُعَيْسِ، فدخلَ عليّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ : يا رسولَ اللهِ، إنَّ الرجلِ ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأَتُه، فقال : "ائذني له، فإنه عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ" . قال عروةُ بنُ الزبيرِ : فبذلك كانت عائشةُ تقولُ : حَرِّمُوا من الرضاعِ، ما يَحْرُمُ من النسبِ .

وفي لفظ : استأذنَ عليّ أَفْلَحُ، فلم آذنْ له، فقال : أتحتجبين مني وأنا عمكِ، فقلتُ : كيف ذلك ؟! قال : أرضعتك امرأةُ أخي، بلبن أخي، قالت : فسألتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، فقال : صَدَقَ أَفْلَحُ، ائْذَني له تَرِبَتْ يمينُكِ .

332- وعنها رضي الله عنها، قالت : دخلَ عليّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وعندي رجلٌ ، فقال : "يا عائشةُ، من هذا" ؟ قلتُ : أخي من الرضاعةِ، فقال : "يا عائشةُ، انظرنَ مَنْ إخوانُكُنَّ، فإنما الرضاعةُ من الـمَجاعةِ" .

333- عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه، أنه تزوج أمَّ يحيى بنتَ أبي إِهابٍ، فجاءتْ أَمَةٌ سوداءُ، فقالت : قد أرضعْتُكُما، فذكرتُ ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال : فأعْرَضَ عني، قال : فَتَنَحَّيْتُ، فَذَكَرْتُ ذلك له، فقال : "وكيف وقد زعمتْ أن قد أرضعَتْكُما" ؟ فنهاه عنها .

334- عن البراءِ بنِ عازبٍ رضي الله عنهما، قال : خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ـ يعني من مكةَ ـ فتَبِعَتْهُم ابنةُ حَمْزَةَ، تنادي : يا عمِّ ، يا عمِّ فتناوَلَها عليٌ، فأخذ بيدِها، وقال لفاطمةَ : دونك ابنةَ عمِّك، فاحتَمَلَتْها، فاختصمَ فيها عليٌ وزيدٌ وجعفرٌ ، فقال عليٌ : أنا أحقُّ بها، وهي ابنةُ عمي، وقال جعفرُ : ابنةُ عمي، وخالتُها تحتي، وقال زيدٌ : بنتُ أخي، فقضى بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم لخالتِها، وقال : "الخالةُ بمنزلةِ الأمِّ، وقال لعليٍ : "أنت مِنّي، وأنا مِنْك" وقال لجعفرٍ : "أَشْبَهتَ خَلْقي وخُلُقي" وقال لزيدٍ : "أنتَ أخونا ومَوْلانا" .











كتاب القِصاص

335- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه، قال : قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : "لا يَحِلُّ دمُ امرئٍ مسلمٍ، يشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وأني رسولُ اللهِ، إلا بإحدى ثلاثٍ، الثَيِّبُ الزاني، والنفسُ بالنفسِ، والتاركُ لدِيـنِهِ المفارقُ للجماعةِ" .

336- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "أوَّلُ ما يقضى بين الناسِ يومَ القيامةِ، في الدماءِ" .

337- عن سَهْلِ بنِ أبي حَثْمَةَ، قال : انطلق عبدُ اللهِ بنِ سَهْلٍ، ومُحَيِّصَةُ بنُ مسعودٍ إلى خَيْبَرَ، وَهِيَ يومئذٍ صُلحٌ، فتفرقا، فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إلى عبدِ اللهِ بنِ سَهْلٍ ـ وهو يَتَشَحَّطُ في دَمِه قتيلاً ـ فَدَفَنَهُ، ثم قَدِمَ المدينةَ، فانطلق عبدُ الرحمنِ بنِ سَهْلٍ ومُحَيِّصَةُ وحُويِّصَةُ ابنا مسعودٍ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فذهبَ عبدُ الرحمنِ يتكلمُ، فقال صلى الله عليه وسلم : "كَبِّرْ كَبِّرْ" ـ وهو أَحْدَثُ القومِ ـ فسكتَ، فتكلما، فقال : "أتحلفون وتستحقون قاتِلَكُمْ، أو صاحِبَكُمْ" ؟ قالوا : وكيف نحلفُ، ولم نَشْهَدْ، ولم نَرَ ؟ قال : "فَتُبْرِئُكُمْ يهودُ بخمسين يمينا" فقالوا : كيف نأخذُ بأَيْمانِ قومٍ كفارٍ ؟ فَعَقَلَهُ النبيُّ
صلى الله عليه وسلم من عنده .

وفي حديثِ حمادِ بنِ زيدٍ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "يُقْسِمُ خمسون منكم على رجل منهم، فيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ" قالوا : أمرٌ لم نشهدْهُ كيف نحلِفُ ؟ قال : "فَتُبْرِئُكُمْ يهودُ بأيمانِ خمسين منهم" قالوا : يا رسولَ اللهِ قومٌ كفارٌ ؟ فَودَاهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من قِبَلِهِ .

وفي حديث سعيدِ بنِ عُبَيْدٍ، فَكَرِهَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن يُبْطِلَ دَمَهُ، فوداه بـمِائةٍ من إِبِلِ الصَّدَقَةِ .

338- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، أنَّ جاريةً وُجِدَ رأسُها مرضوضاً بين حَـجَرَيْنِ، فقيل : من فعل هذا بك ؟ فلانٌ، فلانٌ، حتى ذُكِـرَ يهوديٌ فَأَوْمَأَتْ برأسِها، فأُخِذَ اليهوديُّ فاعترفَ، فأَمَرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن يُرَضَّ رأسُه بين حَجَرَيْنِ .

339- ولمسلمٍ والنَّسائيِّ عن أنسٍ : أن يهودياً قتل جاريةً على أَوْضاحٍ، فأَقادَهُ بها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم .

340- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : لمّا فتح اللهُ تعالى على رسولِه صلى الله عليه وسلم مكةَ، قَتَلَتْ هذيلٌ رجلاً من بني لَيْثٍ بقتيلٍ كان لهم في الجاهليةِ، فقامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال : "إنَّ اللهَ عز وجل قد حبسَ عن مكةَ الفيلَ، وسَلّطَ عليها رسولَهُ والمؤمنين، ألا وإنها لم تَحِلَّ لأحدٍ قبلي، ولا تحلُّ لأحدٍ بعدي، وإنما أُحِلَّتْ لي ساعةً من نهارٍ، وإنها ساعتي هذه، حرامٌ، لا يُعْضَدُ شَجَرُها، ولا يُخْتَلى شَوْكُها، ولا تُلتَقطُ ساقِطَتُها إلا لِمُنشِدٍ، ومن قُتِلَ له قتيلٌ، فهو بخير النَّظَرَيْنِ، إما أن يُقْتَلَ، وإما أن يُفْدَى" فقامَ رجلٌ من أهلِ اليمنِ ـ يقال له أبو شاهٍ ـ فقال : يا رسولَ الله اكتبوا لي، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : "اكتبوا لأبي شاهٍ" ثم قام العباسُ فقال : يا رسولَ الله إلا الإذْخِرَ، فإنا نجعلُهُ في بيوتِنا، وقبورِنا، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "إلا الإِذْخِرَ" .

341- عن عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه، أنه استشار الناسَ في إِملاصِ المرأةِ، فقال المغيرةُ بنُ شعبةَ : شَهِدْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرةٍ ـ عبدٍ أو أمةٍ ـ فقال : لَتَأْتِـيَـنّ بمن يشهدُ معك، فَشَهِدَ معه محمدُ بنُ مسلمةَ .

إملاص المرأةِ : أن تُلقِـي جنينَها مَيْتاً .

342- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : اقتتلت امرأتان من هذيلٍ، فرَمَتْ إحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها وما في بطنِها، فاختصموا إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقضى رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أنّ دِيَةَ جنينِها غرةٌ ـ عبدٌ، أو وليدةٌ ـ وقضى بدِيَةِ المرأة على عاقلتِـها، ووَرَّثها ولدَها ومن معهم، فقام حَمَلُ بنُ النابغةِ الهُذَلي، فقال : يا رسولَ الله، كيف أغُرَمُ من لا شَرِبَ ولا أَكَلَ، ولا نطقَ ولا استهلَّ، فمِثْلُ ذلك يُطَلُّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنما هو من إخوان الكُـهّانِ" من أجل سَجْعِهِ الذي سَجَعَ .

343- عن عِمْرَان بنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، أنَّ رجلاً عَضَّ يَدَ رجلٍ، فنزع يَدَهُ من فيهِ، فوقعت ثَنِيَّتَاه، فاختصما إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال : "يَعَضُّ أحدُكم أخاه، كما يَعَضُّ الفحلُ، لا دِيَةَ لك" .

344- وعن الحسنِ بنِ أبي الحسنِ البصريِّ، قال : حدثنا جُنْدُب (1) رضي الله عنه في هذا المسجدِ، وما نسينا منه حديثاً، وما نخشى أن يكون جُنْدُب كذبَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "كان فيمن كان قبلكم، رجلٌ به جُرح فَجَزِعَ، فأخذ سكيناً فَـحَزّ بها يَدَهُ، فما رَقَأَ الدَّمُ حتى ماتَ، قال اللهُ عز وجل : عبدي بادرني بِنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الجنةَ" .

كتاب الحدود

345- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، قال : قَدِمَ ناسٌ من عُكْلٍ ـ أو عُرَيْنَةَ ـ فاجْتَوَوٌا المدينة، فَأَمَرَ لهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِلِقَاحٍ، وأمرهم أن يشربوا من أبوالِها وألبانِها، فانطلقوا، فلما صَحّوا قَتَلوا راعيَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم واسْتاقوا النَّعَم، فجاء الخبرُ في أولِ النهارِ، فبعثَ في آثارِهم، فلما ارتَفَعَ النهارُ جيء بهم، فأمر بهم، فَقُطِّعَتْ أيدِيهم وأرجلُهم من خلاف، وسُمِرَتْ (1) أعْيُنُهُم، وتُركوا في الحَرَّة يَسْتَسْقُون فلا يُسْقَوْنَ .

قال أبو قِلابَة : فهؤلاء سرقوا، وقتلوا، وكفروا بعد إِيمانِهِمْ، وحاربوا اللهَ ورسولَهُ، أخرجه الجماعة .

346- عن عُبَيْدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ بنِ مسعودٍ، عن أبي هريرةَ، وزيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنهما، أنهما قالا : إنَّ رجلاً من الأعرابِ أتى النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم، فقال : يا رسولَ اللهِ، أنشُدُك اللهَ إلا قضيتَ بيننا بكتابِ اللهِ، فقال الخصمُ الآخرُ : ـ وهو أفقه منه ـ نعم فاقض بيننا بكتابِ اللهِ، وائْذن لي، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : "قل" قال : إن ابني كان عَسِيفاً على هذا، فزنى بامرأتِهِ، وإِني أُخبِرْتُ أنّ على ابني الرَّجمَ، فافتديتُ منه بمائةِ شاةٍ ووليدةٍ، فسألتُ أهلَ العلمِ : فأخبروني أنما على ابني جلدُ مائةٍ وتغريبُ عامٍ، وأنّ على امرأةِ هذا الرجمَ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيدِهِ لأقضين بينكما بكتابِ اللهِ، الوليدةُ والغنمُ ردٌ عليك، وعلى ابنِك جلدُ مِائَةٍ، وتغريبُ عامٍ، واغدُ يا أُنَيْسُ ـ لرجل من أسلمَ ـ إلى امرأةِ هذا، فإن اعترفت فارجمها" فغدا عليها، فاعترفت، فأَمَرَ بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَتْ .

العسيفُ : الأجيرُ

347- وعنه عنهما رضي الله عنهما، قالا : سُئِلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الأَمَةِ إذا زنت ولم تُحْصَنُ ؟ قال : "إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بِضَفِيرٍ" .

قال ابنُ شهابٍ : ولا أدري ؟ أَبَعْدَ الثالثةِ أو الرابعةِ .

والضفيرُ : الحَبْلُ .

348- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال : أَتَى رجلٌ من المسلمين رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ وهو في المسجدِ ـ فناداه، فقال : يا رسولَ اللهِ، إني زنيتُ فَأَعْرَضَ عنه، فَتَنَحّى تلقاء وجْهِهِ، فقال : يا رسولَ اللهِ، إني زنيت، فأعرض عنه، حتى ثَـنَّى ذلك عليه أربعَ مراتٍ، فلما شَهِدَ على نفسِهِ أربعَ شهاداتٍ، دعاه رسولُ اللهِ، فقال : "أَبِكَ جنون" ؟ قال : لا، قال : "فهل أُحْصِنْتَ" ؟ قال : نعم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "اذهبوا به فارجموه" .

قال ابن شهاب : فأخبرني أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرحمن، أنه سَمِعَ جابرَ بنَ عبدِ اللهِ يقولُ : كنتُ فيمن رَجَمَهُ، فرجمناه بالـمُصَلى فلما أَذْلَقَتْهُ الحجارةُ هربَ، فأدركناه بالـحَرَّةِ، فَرَجَمْناهُ .

الرجلُ هو ماعزُ بنُ مالكٍ، روى قِصَّتَهُ جابرُ بنُ سَمُرَةَ، وعبدُ اللهِ بنُ عباسٍ، وأبو سعيدٍ الـخُدْرِيُّ، وَبُرَيْدَةُ بنُ الحُصَيبِ الأَسْلَمِيُّ رضي الله عنهم .

349- وعن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، أنه قال : إنَّ اليهودَ جاءوا إلى رسولِ صلى الله عليه سلم فذكروا له : أنَّ امرأةً منهم ورجلاً زَنَيَا، فقال لهم رسولُ اللهِ صلى الله : "ما تجدون في التوراةِ في شأنِ الرجمِ" ؟ فقالوا : نفضَحُهُمْ ويجلدون، قال عبدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ : كذبتم، إن فيها آيةَ الرجمِ، فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدُهُم يدَه على آيةِ الرجمِ، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبدُ الله بن سلَام : ارفع يَدَكَ، فرفع يده، فإذا فيها آيةُ الرجمِ، فقال : صَدَقَ يا مُحَمَّدُ، فأمرَ بهما النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَرُجِما، قال : فرأيتُ الرجلَ، يَجْنَأُ على المرأةِ يَقِيها الحجارةَ .

يجنأ : ينحني .

الرجل الذي وضع يده على آية الرجم هو عبدُ اللهِ بنُ صُورِيا .

350- وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "لو أنّ رجلاً ـ أو قال امرءاً ـ اطَّلَعَ عليكَ بغيرِ إذنِكَ فَخَذَفْتَهُ بحصاة، فَفَقَأْتَ عَيْنَه، ما كان عليك جُنَاحٌ" .

باب حد السرقة

351- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ في مِجَنٍّ قيمتُه ـ وفي لفظ : ثَمَنُهُ ـ ثلاثَةُ دراهِمَ .

352- عن عائشةَ رضي الله عنها، أنها سمعتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ : "تُقْطَعُ اليَدُ، في ربعِ دينارٍ فصاعداً" .

353- عن عائشةَ رضي الله عنها، أنَّ قريشاً أَهَمّهُم شأنُ المخزوميةِ التي سَرَقَتْ، فقالوا : من يكلمُ فيها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا : ومن يَجْتَرِئُ عليه إلا أسامةُ بنُ زَيْدٍ، حِبُّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ؟ فَكَلَّمَهُ أسامةُ، فقال : "أَتَشْفَعُ في حَدٍّ من حدود الله، ثم قام فاخْتَطَبَ، فقال : إنما أهلكَ الذين مِنْ قَبْلِكُم، أنهم كانوا إذا سرقَ فيهم الشريفُ تَرَكوه، وإذا سرقَ فيهمُ الضعيفُ، أقاموا عليه الحدَّ، وايْمُ (1) الله، لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقتْ، لقطعتُ يَدَها" .

وفي لفظ : كانت امرأةٌ تستعيرُ المتاعَ وتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقطعِ يَدِها .

باب حد الخمر

354- عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ برجلٍ قد شَرِبَ الخمرَ، فجلَدَهُ بجريدةٍ نحوَ أربعين، قال : وفعلَهُ أبو بكر، فلما كان عُمَرُ استشار الناسَ، فقال عبدُ الرحمنِ بنِ عوفٍ : أَخَفُّ الحدودِ ثمانون، فَأَمَرَ به عمرُ رضي الله عنه .

355- وعن أبي بُرْدَةَ ـ هانىء بن نِيار ـ البَلَويِّ الأنصاريِّ رضي الله عنه، أنه سمعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ : "لا يجلدُ فوقَ عَشْرَةِ أسواطٍ، إلا في حدٍّ من حدودِ الله" .

كتاب الأيْمان والنذور

356- عن عبدِ الرحمنِ بن سَمُرَةَ رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "يا عبدَ الرحمنِ بنَ سَمُرَة لا تسألِ الإمارةَ، فإنك إن أُعْطِيتَها عن مسألةٍ وُكِلْتَ إليها، وإن أعطيتَها عن غيرِ مسألةٍ أُعِنْتَ عليها، وإذا حَلَفْتَ على يمينٍ، فرأيتَ غيرَها خيراً منها، فَكَفِّر عن يـميـنِك، وائْتِ الذي هو خيرٌ" .

357- عن أبي موسى رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "إني واللهِ ـ إن شاءَ اللهُ ـ لا أحلِفُ على يمينٍ فأَرَى غيرَها خيراً منها، إلا أتيتُ الذي هو خَيْرٌ، وتَحَلَّلْتُها" .

358- عن عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "إنَّ اللهَ ينهاكُم أن تحلفوا بآبائِكم" .

ولمسلمٍ : "فمن كان حالفاً، فَلْيَحْلِف باللهِ، أو لِيَصْمُتْ" .

وفي رواية : قال عمرُ : فواللهِ ما حلفتُ بها، منذ سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ينهي عنها، ذاكِـراً ولا آثِـراً . يعني حاكياً عن غيري أنه حلفَ بها .

359- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : "قال : سليمانُ بنُ داودَ عليهما السلام، لأطوفن الليلة على تسعين امرأةً، تلِدُ كلُّ امرأةٍ منهن غلاماً، يقاتلُ في سبيلِ اللهِ، فقيل له : قل : إن شاءَ اللهُ، فلم يقلْ، فطافَ بِـهِنَّ، فلم تَلِدْ منهُنَّ إلا امرأةٌ واحدةٌ : نصفَ إنسانٍ" قال: فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "لو قال : إن شاءَ اللهُ لم يَحْنَثْ، وكان ذلك دَرَكاً لحاجتِهِ" .

قوله : قيل له : قل : إنْ شاءَ اللهُ، يعني قال له المَلَكُ .

360- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "من حلفَ على يمينٍ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بها مالَ امرئٍ مسلمٍ، هو فيها فاجرٌ، لَقِـيَ اللهَ وهو عليه غضبانُ" ونزلت {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} إلي آخرِ الآيةِ .

361- عن الأشعثِ بنِ قيسٍ رضي الله عنه، قال : كان بيني وبينَ رجلٍ خصومةٌ في بِئْرٍ، فاخْتَصَمْنا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "شاهداك أو يمينُه" قلت : إذاً يحلِفُ، ولا يُبَالي، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "من حلفَ على يمينٍ صَبْرٍ يقتطعُ بها مال امرئٍ مسلمٍ، هو فيها فاجرٌ، لقِـيَ اللهَ وهو عليه غضبانُ" .

362- عن ثابتِ بنِ الضَّحَّاكِ الأنصاريِّ رضي الله عنه، أنه بايعَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تحتَ الشجرةِ، وأنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "من حلفَ على يمينٍ بِمِلِّةٍ غيرِ الإسلامِ، كاذباً متعمداً، فهو كما قال، ومن قتل نفسَه بشيءٍ عُذِّبَ به يومَ القيامَةِ، وليس على رَجُلٍ نذرٌ فيما لا يملك" .

وفي رواية : "ولَعْنُ المؤمنِ كقتلِه" .

وفي رواية : "ومن ادعى دعوى كاذبةً، ليَتَكَـثَّرَ بها، لم يَزِدْهُ اللهُ إلا قِلَّةً" .

باب النذر

363- عن عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه، قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ إني كنتُ نذرتُ في الجاهليةِ أن أعتكفَ ليلةً ـ وفي روايةٍ : يوماً ـ في المسجدِ الحرامِ، قال : "فأوفِ بنذرِكَ" .

364- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذرِ، وقال : "إنه لا يأتي بخيرٍ، وإنما يُسْتَخْرَجُ به من البخيلِ" .

365- عن عُقْبَةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال : نَذَرَتْ أختي أن تمشيَ إلى بيتِ اللهِ الحرامِ حافيةً، فأَمَرَتْنِي أن أَسْتَفْتِــيَ لها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتَيْتُه، فقال : "لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ" .

366- عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رضي الله عنهما، أنه قال : استفتى سعدُ بنُ عبادةَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في نذرٍ كان على أمِّهِ، تُوُفِّيَتْ قبل أنْ تَقْضِيَهُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "فاقضِهِ عنها" .

367- عن كعبِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ إنّ من توبتي أنْ أنخلِعَ من مالي صدقةً إلى اللهِ وإلى رسولِهِ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "أَمْسِكْ عليكَ بعضَ مالِكَ، فهو خيرٌ لك" .

باب القضاء

368- عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "من أحدثَ في أمرِنا هذا ما ليس منه، فهو رَدٌّ" .

وفي لفظ : "من عملَ عملاً ليس عليه أمرُنا، فهو رَدٌّ" .

369- وعن عائشةَ رضي الله عنها، قالت : دَخَلَتْ هندُ بنتُ عتبةَ ـ امرأةُ أبي سفيانَ ـ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالت : يا رسولَ اللهِ، إن أبا سفيانَ رجلٌ شحيحٌ، لا يعطيني من النفقةِ ما يكفيني ويكفي بَنِيَّ، إلا ما أَخَذْتُ من مالِه بغيرِ علمِهِ، فهل عليَّ في ذلك من جُنَاحٍ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "خذي من مالِه بالمعروف، ما يكفيكِ ويكفي بـَنِـيكِ" .

370- عن أمِّ سلمةَ رضي الله عنها، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ جَلَبَةَ خصمٍ ببابِ حُجْرَتِهِ، فخرج إليهم، فقال : "ألا إنما أنا بشرٌ مثلكم، وإنما يأتيِني الخصمُ، فلعل بعضَكُم أن يكون أبلغَ من بعضٍ، فأحسِبُ (1) أَنه صادقٌ، فأقضي له، فمن قضيتُ له بحقِّ مسلمٍ، فإنما هي قطعةٌ من النارِ فَلْيَحْمِلْها أو يَذَرْها" .

371- عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبي بكرةَ رضي الله عنه، قال : كَتَبَ أبي
ـ أوكتبتُ له ـ إلى ابنه عبيدِ اللهِ بنِ أبي بكرةَ، وهو قاضٍ بسِجِسْتانَ، أن لا تَحكـمْ بين اثنين وأنتَ غضبانُ، فإني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : "لا يحكمْ أحدٌ بين اثنين، وهو غضبانُ" .

وفي رواية : "لا يقضين حَـكَـمٌ بين اثنين وهو غضبانُ" .

372- وعن أبي بكرةَ رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "ألا أنبئكم بأكبرِ الكبائرِ ؟ ثلاثاً" قلنا : بلى، يا رسولَ الله، قال : "الإشراكُ باللهِ، وعقوقُ الوالدين، وكان متكئاً فجلسَ، فقال : ألا وقولُ الزور، وشهادةُ الزورِ، فمازال يكرّرُها، حتى قلنا : ليتَه سكتَ .

373- عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : "لو يُعْطى الناسُ بدعواهم، لادَّعى ناسٌ دماءَ رجالٍ وأموالَهُمْ، ولكن اليمينُ على الـمُدَّعَى عليه" .

كتاب الأطعمة

374- عن النُّعْمانِ بنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه، قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ ـ وأهوى النعمان بِـإصْبَعَيْه إلى أذنيه ـ : "إنَّ الحلال بَيّنٌ، وإنَّ الحرامَ بَيّنٌ، وبينهما أمورٌ مشتبهاتٌ لا يعلمُهُن كثيرٌ من الناسِ، فمن اتقى الشبهاتِ، استبرأَ لدينِهِ وعِرْضِه، ومن وَقَعَ في الشبهاتِ، وقع في الحرامِ، كالراعي يرعى حولَ الحِمَى يوشكُ أن يَرْتَع فيه، ألا وإن لكلِّ ملكٍ حِمَى، ألا وإن حمى الله محارِمُهُ، ألا وإن في الجسدِ مضغةً، إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كلُّه، وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كلُّه، ألا وهي القلبُ".

375- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، قال : أَنْفَجْنَا أرنباً بـِمَرّ الظَّهْرانِ، فسعى القَوْمُ فَلَغَبُوا، وأدركتُها فأخذتُها، فأتيتُ بها أبا طلحةَ، فذبَحها، وبعثَ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بوِرْكها ـ أو فَخِذِها ـ فَقَبِلَهُ .

لغبوا : تعبوا وأَعْيَوا .

376- عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رضي الله عنهما، قالت : نحرْنا على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَرَساً، فَأَكَلْناه .

وفي رواية : ونحن في المدينة .

377- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لحومِ الـحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، وأَذِنَ في لحومِ الخيلِ .

ولمسلم وحده قال : أكلْنا زَمَنَ خَيْبَرَ الخيلَ وحُمُرَ الوحشِ، ونهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الحمارِ الأهليِّ .

378- وعن عبدِ اللهِ بنِ أبي أوفَى رضي الله عنه، قال : أصابتنا مجاعةٌ لياليَ خيبرَ، فلما كان يومُ خيبرَ، وقعنا في الحمرِ الأهليةِ، فانْـتَحَرْناها، فلما غَلَتْ بها القدور، نادَى منادِي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، أن أَكْفِئُوا القدورَ، وربما قال : ولا تأكلوا من لحومِ الـحُمُرِ الأهليَّةِ شيئاً .

379- عن أبي ثَعْلَبةَ الـخُشَنِـيِّ رضي الله عنه، قال : حَرَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لحومَ الحُمُرِ الأهليَّةِ .

380- عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال : دخلتُ أنا وخالد بن الوليد مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بيتَ ميمونةَ، فأُتِـيَ بضب مَحْنوذٍ، فأهوى إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيدِه، فقال بعضُ النسوةِ اللاتي في بيتِ ميمونةَ : أخبروا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بما يريد أن يأكلَ، فقالوا : هو ضبٌ يا رسولَ الله، فرفَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَهُ، فقلت : أحرامٌ هو يا رسولَ الله، قال : "لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي، فأَجِدُني أعافُهُ" قال خالدٌ : فاجتررتُه فأكلتُهُ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم ينظُرُ .

المحنوذ : المشوي بالرَّضْفِ، وهي الحجارة المحماة .

381- عن عبدِ اللهِ بنِ أبي أَوْفَى رضي الله عنه، قال : غزونا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سَبْعَ غَزَواتٍ، نأكُلُ الجرادَ .

382- عن زَهْدَمَ بن مُضَرِّبٍ الجَرْمِي، قال : كنا عند أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه، فدعا بمائدة وعليها لحمُ دجاجٍ، فدخل رجلٌ من بني تَيْمِ اللهِ، أحْمَرُ شبيهٌ بالموالي، فقال له : هَلُمَّ، فَتَلَكَّأَ، فقال : هلم فإني رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يأكلُ منه .

383- عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : "إذا أكل أحدُكم طعاماً فلا يمسحْ يَدَهُ حتى يَلْعَقَها، أو يُلعِقَها" .

باب الصيد

384- عن أبي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ رضي الله عنه، قال : أتَيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ : يا رسولَ الله، إنا بأرض قومٍ أهلِ كتابٍ، أفنأكل في آنيَتِهم، وفي أرضِ صيدٍ، أَصيدُ بقَوْسِي وبكلبي الذي ليس بمعلم، وبكلبي المعلم، فما يَصْلُحُ لي ؟ قال : "أما ما ذكرتَ ـ يعني من آنِيَةِ أهلِ الكتابِ ـ فإن وجدتم غيرَها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسِلوها وكلوا فيها، وما صِدْتَ بِقَوْسِكَ، فَذَكَرْتَ اسمَ الله عليه فَكُلْ، وما صِدْتَ بكلبك الـمُعَلَّمِ فذكرت اسمَ الله عليه فَكُلْ، وما صدت بكلبك غيرِ المعلمِ فأدركتَ ذكاتَهُ فَكُلْ".

385- عن هَمام بنِ الحارث، عن عَدِيِّ بن حاتم رضي الله عنه، قال : قلتُ : يا رسولَ الله، إني أرسلُ الكلابَ الـمُعَلَّمَةَ فَيُمْسِكْنَ عليَّ، وأذكُر اسمَ الله، فقال : "إذا أرسلتَ كلبَك المعلم، وذكرت اسمَ الله عليه، فكُلْ ما أمسك عليك" قلتُ : وإن قَتَلْنَ، قال : "وإن قتلن، ما لم يَشْرَكها كلب ليس منها" قلتُ له : فإني أرمي بالمِعْراضِ الصيدَ، فأصيبُ، فقال : "إذا رَمَيْتَ بالمعراض فَخَزَقَ فكله، وإن أصابه بِـعَرْضِهِ، فلا تأكله" .

386- وحديثُ الشَّعْبيِّ عن عديٍّ نحوُه، وفيه : "إلا أن يأكلَ الكلبُ، فإنْ أَكَلَ فلا تأْكُلْ، فإني أخافُ أن يكون إنما أمْسَكَ على نفسِه، وإن خالطها كلابٌ من غيرِها فلا تأكُلْ، فإنما سَمَّيْتَ على كلبِكَ، ولم تُسَمِّ على غيرِهِ، وفيه : إذا أرسلتَ كلبَكَ المُكَلَّبَ فاذكرِ اسمَ الله عليه، فإن أمسك عليك فأدركـتَه حياً فاذْبَحْهُ، وإن أدركتَهُ قد قَتَلَ ولم يأكُلْ منه فكُلْهُ، فإنّ أَخْذَ الكلبِ ذكاتُهُ" .

وفيه أيضاً : "إذا رميتَ بِسَهْمِكَ فاذكرِ اسمَ اللهِ عليه" .

وفيه : فإن غابَ عنك يوماً أو يومين ـ وفي روايةٍ : اليومين والثلاثة ـ فلم تجد فيه إلا أَثَرَ سهمِك فكل إن شئتَ، فإن وجدتَهُ غريقاً في الماءِ، فلا تأكلْ، فإنك لا تدري : الماءُ قَتَلَهُ، أو سهمُكَ" .

387- عن سالمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، عن أبيه رضي الله عنه، قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ : "من اقتنى كلباً ـ إلا كلبَ صيدٍ، أو ماشيةٍ ـ فإنه يَنْقُصُ من أجره كلَّ يومٍ قيراطان" .

قال سالم : وكان أبو هريرة يقول : "أو كلبَ حرثٍ وكان صاحِبَ حَرْثٍ" .

388- عن رافعِ بنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه، قال : كنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفةِ من تِهَامَةَ، فأصابَ الناسَ جوعٌ، فأصابوا إبِلاً وغنماً، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أُخْرَيات القومِ، فعَجِلُوا وذبحوا ونصبوا القُدُورَ، فأَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالقدورِ فأُكفِئَتْ، ثم قَسَمَ، فَعَدَلَ عشرةً من الغنمِ ببعيرٍ، فَنَدَّ منها بعيرٌ فطلبُوه، فَأَعْيَاهُمْ، وكان في القوم خيلٌ يسيرةٌ، فأهوى رجل منهم بسهمٍ، فـحَبَسَهُ الله، فقال : "إن لِهذِهِ البهائمِ أَوابِدَ كأوابِدِ الوَحْشِ، فما نَدَّ عليكم منها فاصنعوا به هكذا" قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ إنا لاقُوا العَدُو غداً، وليس معنا مُدىً، أفنذبح بالقَصَبِ ؟ قال: "ما أَنْهَرَ الدَّمَ، وذُكِرَ اسمُ الله عليه فكلوه، ليس السِّنَّ والظفْرَ (1)، وسأحَدِّثُكُم عن ذلك، أما السِّنُّ فعظمٌ، وأما الظفْرُ فَمُدَى الـحَبَشَةِ" .


باب الأضاحي

389- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، قال : ضحى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بكبشينِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذبحهما بيدِه، وسَمَّى وكـبَّر ، ووضع رجلَه على صِفاحِهِــما .

الأملح : الأغبر، وهو الذي فيه سواد وبياض .

كتاب الأشربة

390- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، أن عمرَ قال ـ على منبرِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ : أما بعدُ، أيها الناس إنه نزلَ تحريمُ الخمرِ، وهي من خمسةٍ : من العنبِ، والتمرِ، والعسلِ، والحنطةِ، والشعيرِ، والخمرُ : ما خامَرَ العقلَ، وثلاثٌ ودِدْتُ أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان عَهِدَ إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه، الجدُّ، والكلالَةُ، وأبوابٌ من أبوابِ الربا .

391- عن عائشةَ رضي الله عنها، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، سُئِلَ عن البِتْعِ، فقال : "كلُّ شرابٍ أسكر فهو حرامٌ" .

البِتْعُ : نبيذُ العسلِ .

392- عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال : بلغَ عمرَ رضي الله عنه، أن فلاناً باعَ خمراً، فقال : قاتلَ الله فلانا، ألم يعلمْ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال : "قاتلَ اللهُ اليهودَ، حُرّمتْ عليهمُ الشُّحُومُ فَجَمَلُوها فباعوها".





كتاب اللباس

393- عن عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "لا تلبسوا الحريرَ، فإنه من لَبِسَهُ في الدنيا، لم يلبَسْهُ في الآخرةِ" .

394- عن حذيفةَ بنِ اليمانِ رضي الله عنهما، قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، يقولُ : "لا تلبسوا الحريرَ، ولا الديباجَ، ولا تشربوا في آنيةِ الذهبِ والفضةِ، ولا تأكلوا في صحافِهِما، فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة" .

395- عن البراءِ بنِ عازبٍ رضي الله عنهما، قال : ما رأيتُ من ذي لِمَّةٍ في حُلَّةٍ حمراءَ أحسنَ من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، له شعرٌ يضربُ إلى مَنْكِبَيْه، بعيدُ ما بين الـمَـنْكِبَيْنِ ليس بالقصيرِ ولا بالطويلِ .

396- عن البراءِ بنِ عازبٍ رضي الله عنهما، قال : أَمَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بسبعٍ، ونهانا عن سبعٍ، أَمَرَنا بعيادَةِ المريضِ، واتِّباعِ الجنائزِ، وتشميتِ العاطسِ، وإبرارِ القَسَمِ أو المُقْسِمِ، ونصرِ الـمَظْلومِ، وإجابَةِ الداعي، وإفشاءِ السلامِ ، ونهانا عن خواتمِ ـ أو عن تختُّمٍ ـ بالذهبِ، وعن شُرْبٍ بالفضةِ، وعن المياثِرِ، وعن القَسِّيِّ، وعن لُبْسِ الحريرِ، والإستَبْرَقِ، والديباجِ .

397- وعن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، اصطنع خاتماً من ذهبٍ، فكان يجعَلُ فِصَّه في باطِنِ كَفِّهِ إذا لَبِسَه، فَصَنَع الناسُ كذلك، ثم إنه جلسَ على المنبرِ فَنَزَعَهُ، وقال : إني كنتُ أَلبَسُ هذا الخاتَمَ وأجعلُ فِصّه من داخلٍ، فرمى به، ثم قال : والله لا ألبَسُهُ أبداً، فَنَبَذَ الناسُ خواتيـمَهُمْ .

وفي لفظ : جَعَلَهُ في يدِهِ اليمنى .

398- عن عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عَنْهُ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، نهى عن لُبس الحريرِ إلا هكذا، ورفع لنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةَ والوُسْطى .

ولمسلمٍ : نهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن لُبْسِ الحريرِ إلا موضعَ إِصْبَعَيْنِ، أو ثلاثٍ، أو أربعٍ .


كتاب الجهاد

399- عن عبدِ اللهِ بنِ أبي أَوْفَى رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ـ في بعضِ أيامِهِ التي لَقِيَ فيها العدو ـ انتظر، حتى إذا مالتِ الشمسُ قام فيهم، فقال : "يا أيها الناسُ، لا تتمنوا لقاءَ العدوِّ، واسألوا الله العافيةَ، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أنَّ الجنةَ تحتَ ظِلالِ السيوفِ"، ثم قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : "اللهم مُنْزِلَ الكتابِ، ومُجْرِيَ السَّحابِ، وهازِمَ الأحزابِ، اهزمهم وانصرنا عليهم" .

400- عن سهلِ بنِ سعدٍ الساعديِّ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "رباطُ يومٍ في سبيلِ اللهِ، خيرٌ من الدنيا وما عليها، وموضعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ من الجنةِ، خيرٌ من الدنيا وما عليها، والرَّوْحَةُ يَرُوحُها العبدُ في سبيلِ اللهِ، أو الغَدْوَةُ، خيرٌ من الدنيا وما عليها" .

401- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : "انْتَدَبَ اللهُ ـ ولمسلمٍ : تَضَمّنَ اللهُ ـ لِـمَنْ خرجَ في سبيلِه، لا يخرجُهُ إلا جهادٌ في سبيلي، وإيمانٌ بي، وتصديقٌ برسولي، فهو عليَّ ضامنٌ، أن أُدْخِلَهُ الجنةَ، أو أُرْجِعَهُ إلى مَسْكَنِهِ الذي خرج منه، نائلاً ما نالَ من أجرٍ، أو غنيمةٍ".

402- ولمسلمٍ : "مَثَلُ المجاهدِ في سبيلِ اللهِ ـ واللهُ أعلمُ بمن يجاهدُ في سبيلِه ـ كمثلِ الصائمِ القائمِ، وتَوَكّلَ اللهُ للمجاهدِ في سبيلِه إن توفاه، أن يُدْخِلَهُ الجنةَ، أو يُرْجِعَهُ سالماً مع أجرٍ أو غنيمةٍ" .

403- وعنه قال : قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : "ما مِنْ مَكْلومٍ يُكْلُم في سبيلِ اللهِ، إلا جاء يومَ القيامةِ، وكَلْمُهُ يَدْمَى : اللونُ لونُ الدَّمِ، والريحُ ريحُ المسْكِ" .

404- عن أبي أيوبٍ الأنصاريِّ رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "غدوةٌ في سبيلِ اللهِ، أو روحةٌ، خيرٌ مما طَلَعَتْ عليه الشمسُ وغَرَبَتْ" أخرجه مسلم .

405- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، قال : قال رسولُ الله صلى الله وسلم : "غدوةٌ في سبيلِ اللهِ، أو روحةٌ، خيرٌ من الدنيا وما فيها" أخرجه البخاري .

406- عن أبي قَتادَةَ الأنصاريِّ رضي الله عنه، قال : خرجنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى حُنَيْنٍ ـ وذكر قصةً ـ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : من قَتَل قتيلاً، له عليه بَيِّنَةٌ، فله سلَبُه ـ قالها ثلاثا .

407- عن سلمةَ بنِ الأكوعِ رضي الله عنه، قال : أَتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم عينٌ من المشركين، وهو في سَفَرٍ، فجلس عند أصحابِهِ يتحدثُ، ثم انفَتَل : فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : "اطلبوه، واقتلوه" فقتلتُه فَنَفَّلني سَلَبَهُ .

وفي رواية : فقال : "من قتلَ الرجلَ" فقالوا : ابنُ الأكوعِ، فقال : "له سَلَبُه أَجْمَعُ" .

408- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، قال : بعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سريةً إلى نجدٍ، فخرجتُ فيها، فأَصَبْنَا إبِـلاً وغنماً، فبلغتْ سُهْمَانُنا اثْـنَيْ عَشَرَ بعيراً، ونَفّلَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعيراًبعيراً .

409- وعنه رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : "إذا جَمَعَ اللهُ الأولين والآخرين، يُرْفَع لكلِّ غادرٍ لواءٌ، فيقال : هذه غَدْرَةُ فلانِ بنِ فلانِ" .

410- وعنه رضي الله عنهما، أنّ امرأةً وُجِدَتْ في بعض مغازي النبيِّ صلى الله عليه وسلم مقتولةً، فأنكرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قتلَ النساءِ والصبيانِ .

411- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، أنَّ عبدَ الرحمنِ بنَ عوفٍ، والزبيرَ بنِ العوامِ، شكيا القملَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في غزوةٍ لهما، فرخص لهما في قميص الحريرِ، ورأيتُه عليهِما .

412- عن عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه، قال : كانت أموالُ بني النضيرِ مما أفاءَ اللهُ على رسولِه صلى الله عليه وسلم، مما لم يوجِفِ المسلمون عليه بخيلٍ ولا ركابٍ، وكانت لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خالصاً، فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعزل نفقةَ أهلِه سنةً، ثم يجعلُ ما بَقِـيَ في الكُراعِ والسِّلاحِ، عُدّةً في سبيلِ اللهِ عز رجل .

413- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما، قال : أَجْرَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ما ضُمِّرَ من الخيلِ، من الـحَفْياءِ إلى ثَنِيَّةِ الوداعِ، وأجرى ما لم يُضمَّرْ من الثَّنِيَّةِ إلى مسجدِ بني زُرَيْقٍ، قال ابنُ عمرَ : وكنتُ فيمن أَجْرَى . قال سفيانُ : من الـحَفْياءِ إلى ثـَنِيَّةِ الوداعِ : خمسةُ أميالٍ أو ستةٌ، ومن ثَـنِـيَّـةِ الوداع إلى مسجدِ بني زُرَيْقٍ : ميلٌ .

414- وعنه رضي الله عنهما، قال : عُرضْتُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ أحدٍ، وأنا ابنُ أرْبَـعَ عشْرَةَ سنةً، فلم يُجِزْني في المقاتِلَةِ، وعُرِضْتُ عليه يومَ الخندقِ، وأنا ابنُ خمسَ عَشْرَةَ فأجازني .

415- وعنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَسَمَ في النَّفْلِ : للفرسِ سَهْمَيْنِ، وللرجلِ سَهْماً .

416- وعنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، كان يُنَفِّلُ بعضَ من يَبْعَثُ من السَّرَايا لأنفسِهم خاصَّةً، سِوَى قَسْمِ عامَّةِ الجيْشِ .

417- عن أبي موسى ـ عبدِ اللهِ بنِ قيسٍ الأشعريِّ ـ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال : "من حَمَلَ علينا السلاحَ، فليس مِنَّا" .

418- وعن أبي موسى رضي الله عنه، قال : سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، عن الرجلِ يقاتِلُ شجاعةً، ويقاتِلُ حَمِيَّةً، ويقاتلُ رياءً، أيُّ ذلك في سبيلِ الله، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : "من قاتلَ لتكونَ كلمةُ الله هي العليا، فهو في سبيلِ الله" .

كتاب العتق

419- عن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : "من أعتقَ شِرْكاً له في عبدٍ، فكان له مالٌ يبلغُ ثَمَنَ العبدِ، قُوِّمَ عليه قيمةَ عَدْلٍ، فأَعطَى شركاءَهُ حِصَصَهُمْ، وعَتَقَ عليه العبدُ، وإلا فقد عَتَقَ منه ما عَتَقَ" .

420- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : "من أَعْتَقَ شِقْصاً له من مملوكٍ، فَعَلَيْهِ خَلاصُهُ كُلُّهُ في مالِهِ، فإنْ لم يكن له مالٌ قُوِّمَ المملوكُ، قِيمَةَ عَدْلٍ، ثم استُسْعِيَ العبدُ، غيرَ مَشْقُوقٍ عليه .

باب بيع الـمُدَبَّر

421- وعن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال : دَبّـَرَ رجلٌ من الأنصارِ غلاماً له .

وفي لفظ : بَلَغَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن رجلاً من أصحابِه أَعْتَقَ غلاماً له عن دُبُــرٍ، لم يكن له مالٌ غيرُه، فباعه بثمانمائة دِرْهَمٍ، ثم أَرْسَلَ بثمنِهِ إليه .


















11) ويجوز بإسكان الباء .

11) الجمعة : بضم الجيم والميم، ويجوز بسكون الميم وفتحها، حكى الثلاثة ابن سيده .

11) وبعض الرواة رواه بفتح الميم، وكسر اللام، والأصح الأول .

12) وفي بعض النسخ حُيَي بضم الحاء المهملة، فيائين تحتيتين، الأولى منهما مفتوحة .

1 1) بضم أوله، وكسر ثانيه، وضبط في رواية أبي ذر بضم الخاء، وفتح الضاد، ويجوز مع ضم أوله : ضم الضاد وتسكينها أيضا كما في الفتح .

11) الجمعة بضم الجيم والميم، ويجوز بسكون الميم وفتحها، حكى الثلاثة ابن سيده .

11) بفتح الحاء المهملة وقد تكسر .

11) يصح أن تضبط الراء بضمة أو فتحة أو كسرة .

11) بكسر الفاء، ويجوز بضمها .

12) بفتح الخاء المعجمة وضمها .

11) المشهور : بضم التاء، وفتح الصاد، وتشديد الراء المضمومة على وزن : ولا تُزَكوا، ومنهم من رواه بفتح التاء، وضم الصاد .

11) بكسر الهمزة وفتحها .

1) بالجزم، ويجوز بالرفع على أنه نفي .

11) ورويَ مليٍّ كغنيٍّ .

11) فيها أربع لغات نظمها ابنُ مالك في قوله :

لُقَاطَةٌ وَلُقْطَةٌ ولُقَطَهْ وَلَقْطَةٌ ما لاقِطٌ قَدْ لَقَطَهْ

فالثلاث الأُوَل : بضم اللام، والرابع : بفتح اللام وتسكين القاف .

11) بضم الجيم وسكون النون وضم الدال المهملة، وفتحها .

11) وفي رواية بتشديد الميم : سُمِّرَتْ .

11) همزته همزة وصل عند الأكثر، وهمزة قطع عند الكوفيين ومن وافقهم .

11) وبعضهم ينصبها لأنه يعطفُها على قوله : أن يكون أبلغَ .

1) بسكون الفاء، وبضمها .

294

Related Post



Tidak ada komentar: